للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيْهَا، وَكَانَ إِذَا غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ مِنَ اللَّيْلِ بِنَوْمٍ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، قَالَ: فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاس، فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ: هَذَا وَاللهِ هُوَ الْحَدِيثُ، وَلَوْ كُنْتُ أُكَلِّمُهَا لأَتَيْتُهَا حَتَّى أُشَافِهَهَا بِهِ مُشَافَهَةً،

===

عليها) لأن أحب الأعمال عنده عليه السلام أدومها (وكان إذا غلبته عيناه من الليل بنوم) ولم يستطع أن يصلي بالليل من غلبة النوم (صلَّى من النهار) أي بعده أو بمعنى في (ثنتي عشرة ركعة) وهذا يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يفوته الوتر، لأنه لو فاته في الليل ليؤديه مع النوافل.

(قال) سعد: (فأتيت ابن عباس فحدثته) بما حدثتنيه عائشة من صلاة الليل (فقال) ابن عباس: (هذا والله هو الحديث) أي التام الأكمل (ولو كنت أكلمها لأتيتها حتى أشافهها به) أي بهذا الحديث (مشافهة).

فإن قلت: كيف ترك ابن عباس كلامها، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام" (١)؟

فالجواب عنه أولًا: أن المنهي عنه ليس ترك التكلم مطلقًا، إنما المنهي عنه الإعراض وترك التكلم عند اللقاء، كما يدل عليه رواية: "يلتقيان فيصُدُّ هذا ويصُدُّ هذا"، وأما ابن عباس فلم يترك الكلام عند اللقاء؛ بل ترك قربها والدخول عليها، كما في رواية مسلم: "لو كنت أقربها أو أدخل عليها لأتيتها".

وثانيًا: لو سلم أنه ترك كلامها فوجه تركه الكلام أنه ظن أنها عاصية في تكلمها في الحروب التي جرت، كما في حديث مسلم (٢): "نهيتها أن تقول في هاتين الشيعتين فأبت فيهما إلا مضيًا"، والهجر على العصيان غير منهي عنه.


(١) أخرجه البخاري (٦٢٣٧)، ومسلم (٢٥٦٠).
(٢) ظاهر العبارة تدل على أن قائل "نهيتها أن تقول ... إلخ" هو ابن عباس - رضي الله عنه - وليس كذلك، فإن هذا قول حكيم بن أفلح. انظر: "صحيح مسلم" (٧٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>