للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِى الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ (١) عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا". [ت ٢٩١٤، حم ٢/ ١٩٢، ق ٢/ ٥٣]

===

(في الدنيا) من تجويد الحروف ومعرفة الوقوف (فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها).

وقد ورد في الحديث أن درجات الجنة على عدد آيات القرآن، يقال للقارئ: اقرأ وارتق الدرجة على قدر ما تقرأ من آي القرآن، فمن استوفى قراءة جميع القرآن استولى على أقصى درج الجنة، ومن قرأ جزءًا منها كان رقيه من الدرج على قدر ذلك، فيكون منتهى الارتقاء عند منتهى القراءة.

قال الداني: وأجمعوا على أن عدد آي القرآن ستة آلاف آية، ثم اختلفوا فيما زاد، فقيل: ومِئَتَا آية وأربع آيات، وقيل: وأربع عشرة، وقيل: وتسع عشرة، وقيل: وخمس وعشرون، وقيل: وست وثلاثون.

قال الطيبي: وقيل: المراد أن الترقي يكون دائمًا، فكما أن قراءته في حال الاختتام استدعت الافتتاح الذي لا انقطاع له، كذلك هذه القراءة والترقي في المنازل التي لا تتتناهى، وهذه القراءة لهم كالتسبيح للملائكة لا تشغلهم عن مستلذاتهم، بل هي أعظم مستلذاتهم.

قال الطيبي (٢): والمنزلة التي في الحديث هي ما يناله العبد من الكرامة على حسب منزلته في الحفظ والتلاوة لا غير، وذلك لما عرفنا من أصل الدين أن العامل بكتاب الله المتدبر له أفضل من الحافظ والتالي له إذا لم ينل شأنه في العمل والتدبر، وقد كان في الصحابة من هو أحفظ من الصديق وأكثر تلاوة منه، وكان هو أفضلهم على الإطلاق لسبقه عليهم في العلم بالله وبكتابه وتدبره له وعمله به، وإن ذهبنا إلى الثاني وهو أحق الوجهين وأتمهما، فالمراد من الدرجات التي يستحقها بالآيات سائرها، وحينئذ تقدر القراءة في القيامة على


(١) في نسخة: "منزلتك".
(٢) "شرح الطيبي" (٤/ ٢٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>