للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الصحة كما ها هنا، وإما بمعنى نفي الثواب كما في الحديث: "من أتى عَرَّافًا لم تقبل صلاته أربعين صباحًا"، والحديث يدل على فرضية الطهارة للصلاة، وقد أجمعت الأمة على أن الطهارة شرط في صحة الصلاة، وعلى تحريمها بغير طهارة من ماء أو تراب، ولا فرق بين الصلاة المفروضة والنافلة وسجود التلاوة والشكر وصلاة الجنازة، إلَّا ما حكي عن الشعبي ومحمد بن جرير من قولهما: تجوز صلاة الجنازة (١) بغير طهارة، وهذا مذهب باطل، أجمع العلماء على خلافه، فلو صلى محدثًا متعمدًا بلا عذر يكفر عندنا لتلاعبه واستخفافه.

وأما من لم يجد ماء (٢) ولا ترابًا، فقال النووي (٣): فيه أربعة أقوال للشافعي، وهي مذاهب للعلماء، قال بكل واحد منها قائل، أصحها عند أصحابنا: يجب عليه أن يصلي على حاله، ويجب أن يعيد إذا تمكن من الطهارة، والثاني: يحرم عليه أن يصلي ويجب القضاء، والثالث: يستحب أن يصلي ويجب القضاء، والرابع: يجب أن يصلي ولا يجب القضاء، وهذا القول اختيار المزني، وهو أقوى الأقوال (٤) دليلاً، فأما وجوب الصلاة فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإذا أمرتكم بأمر فافعلوا منه ما استطعتم"، وأما الإعادة


(١) وحكي عن غيرهما أيضًا كما ذكره العيني (١/ ٣٤٨)، وحكى ابن القيم في حاشية "السنن" (١/ ٤٤) عن ابن حزم أنه قال: لا يحتاج الوتر إلى الطهارة، وبسط على الحديث أشد البسط، ومال إلى أن سجدة التلاوة لا تحتاج إلى الطهارة. (ش).
(٢) وذكر في "العارضة" (١/ ٩) في المسألة ستة أقوال: منها مذهب مالك، لا أداء ولا قضاء، وفي "المنهل" (١/ ٢٠٩): مذهب أحمد والمزني أقوى دليلاً، وهو وجوب الصلاة بلا إعادة، والمشهور عند الشافعية وجوب الصلاة بوجوب الإعادة، وسيأتي الكلام على المسألة في "باب التيمم". (ش).
(٣) "شرح صحيح مسلم" للنووي (٢/ ١٠٥).
(٤) واختاره في "شرح المهذب" كما في القسطلاني (١/ ٤٠٢). (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>