للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فإنما تجب بأمر مجدد، والأصل عدمه، وكذا يقول المزني في كل صلاة أمر بفعلها في الوقت على نوع من الخلل لا يجب قضاؤها، والله أعلم، انتهى. وهذا عند الشافعية.

وأما عندنا فقال في "البدائع" (١): وأما المحبوس في مكان نجس لا يجد ماء ولا ترابًا نظيفًا، فإنه لا يصلي عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف: يصلي بالإيماء، ثم يعيد إذا خرج، وهو قول الشافعي (٢)، وقول محمد مضطرب، وذكر في عامة الروايات مع أبي حنيفة، وفي "نوادر أبي سليمان" مع أبي يوسف.

وجه قول أبي يوسف: أنه إن عجز عن حقيقة الأداء فلم يعجز عن التشبه، فيؤمر بالتشبه، كما في "باب الصوم".

وقال بعض مشايخنا: إنما يصلي بالإيماء على مذهبه إذا كان المكان رطباً، أما إذا كان يابسًا فإنه يصلي بركوع وسجود، والصحيح عنده يُومئ كيف ما كان, لأنه لو سجد لصار مستعملاً للنجاسة.

ولأبي حنيفة أن الطهارة شرط أهلية أداء الصلاة، فإن الله تعالى جعل أهل مناجاته الطاهر لا المحدث، والتشبه إنما يصح من الأهل، ألا ترى أن الحائض لا يلزمها التشبه في باب الصوم والصلاة لانعدام الأهلية.

والظاهر أن المصلي بغير طهارة إذا قصد به حرمة الوقت لا يكفر، لأنه لا يصدق عليه أنه مستخفٌ، بخلاف ما إذا صلى بغير طهارة عمدًا لا لهذا القصد، فإنه يكفر؛ لأنه مُسْتخفٌّ بالشرع حينئذ، ولو صلى بلا طهارة حياءً أو رياءً أو كسلاً فهل يكون مستخفًّا أم لا؟ محل بحث، والأظهر في


(١) "بدائع الصنائع" (١/ ١٧٥).
(٢) انظر: "الأم" (١/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>