للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} (١)، و"تحريمها التكبير"، وفي العبادات البدنية إنما يعتبر النصوص ولا يشتغل بالتعليل، ولذا لم يقم الخد والذقن مقام الجبهة في السجود، والأذان لا يتأدى بغير لفظ التكبير، فتحريمة الصلاة أولى، وإنما جاز بالكبير، لأن أفعل وفعيلاً في صفاته تعالى سواء، إذ لا يراد بأكبر إثبات الزيادة في صفته بعد المشاركة, لأنه لا يشاركه أحد في أجل الكبرياء، فكان أفعل بمعنى فعيل.

وقال أبو حنيفة ومحمد - رحمهما الله تعالى-: إن قال بدلًا عن التكبير: "الله أجل" أو"أعظم"، أو "الرحمن أكبر"، أو "لا إله إلَّا الله"، أو "تبارك الله"، أو غيره من أسماء الله تعالى وصفاته التي لا يشارك فيها، كالرحمن والخالق والرزاق، وعالم الغيب والشهادة، وعالم الخفيات، والقادر على كل شيء، والرحيم لعباده، أجزأه ذلك عن التكبير، وذلك لأن التكبير المذكور في قوله تعالى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}، وقوله عليه الصلاة والسلام: "وتحريمها التكبير"، وحيث ما ذكر من النصوص معناه التعظيم، فكان المطلوب بالنص التعظيم، ويؤيده قوله تعالى: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} (٢)، وهو أعم من لفظة "الله أكبر" وغيرها , ولا إجمال فيه، فالثابت بالفعل المتوارث حينئذ يفيد الوجوب لا الفرضية، وبه نقول، حتى يكره لمن يحسنه تركه، كما قلنا في القراءة مع الفاتحة، وفي الركوع والسجود مع التعليل.

وقال ابن عُليّة وأبو بكر الأصم: إن تكبيرة الافتتاح ليست بشرط، ويصح الشروع في الصلاة بمجرد النية بغير تكبير، فزعما أن الصلاة أفعال وليست بأذكار، حتى أنكرا افتراض القراءة في الصلاة، فأبو حنيفة ومحمد


(١) سورة المدثر: الآية ٣.
(٢) سورة الأعلى: الآية ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>