قال أصحابنا: إنه يُعتبر في حال الشركة ما يُعتبر في حال الانفراد، وهو كمال النصاب في حق كل واحد منهما، فإن كان نصيب كل واحد منهما يبلغ نصابًا تجب الزكاة وإلَاّ فلا.
وقال الشافعي: إذا كانت أسباب الإسامة (١) متحدة، وهو: أن يكون الراعي والمرعى والماء والمراح والكلب واحدًا، والشريكان من أهل وجوب الزكاة عليهما يُجْعَلُ مالُهما كمال واحد وتجب عليهما الزكاة، وإن كان كل واحد منهما لو انفرد لا تجب عليه، واحتج بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، وما كان بين خليطين فإنهما يتراجعان بالسوية".
فقد اعتبر النبي - صلى الله عليه وسلم - الجمعَ والتفريق؛ حيث نهى عن جمع المتفرق وتفريقِ المجتمع، وفي اعتبار حال الجمع بحال الانفراد في اشتراط النصاب في حق كل واحد من الشريكين إبطال معنى الجمع وتفريق المجتمع.
ولنا ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"ليس في سائمة المرءِ المسلم إذا كانت أقلَّ من أربعين صدقة"، نفى وجوب الزكاة في أقل من أربعين مطلقًا عن حال الشركة والانفراد، فدل أن كمال النصاب في حق كل واحد منهما شرط الوجوب.
وأما الحديث فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجمع بين متفرق".
ودليلنا أن المراد منه التفرق في الملك لا في المكان، لإجماعنا على أن النصاب الواحد إذا كان في مكانين تجب الزكاة فيه، فكان المراد منه التفرق في الملك، ومعناه: إذا كان الملك متفرقًا لا يجمع فيجعل كأنه لواحد لأجل الصدقة، كخمس من الإبل بين اثنين، أو ثلاثين من البقر، أو أربعين
(١) ولا تخصيص عنده في السوائم بل في كل مشترك كالورق والذهب هكذا، كما قال ابن رشد. [انظر: "بداية المجتهد" ١/ ٢٥٨، ٢٦٤]. (ش).