به رطبًا أو جافًا؟ وبالأول قال شريح القاضي وبعض الظاهرية، والثاني قول الجمهور، وإلى الثالث نحا البخاري، وهل يمضي قول الخارص أو يرجع إلى ما آل عليه الحال بعد الجفاف؟ فالأول قول مالك وطائفة، والثاني قول الشافعي ومن تبعه، وهل يكفي خارص واحد عارف ثقة أم لا بد من اثنين؟ وهما قولان للشافعي، والجمهور على الأول.
واختلف أيضًا هل هو اعتبار أو تضمين؟ وهما قولان للشافعي أظهرهما الثاني، ولو أتلف المالك الثمرة بعد الخرص أخذت منه الزكاة بحساب ما خرص.
واختلفوا في الخرص هل هو شهادة أو حكم؟ فإن كان شهادة لم يكتف بخارص واحد، وإن كان حكمًا اكتفي به.
واستدل من يرى الخرص في النخيل والكرم بما رواه ابن المسيب عن عتاب بن أسيد عند أبي داود والترمذي وقال: حسن غريب، وقال الماوردي: الدليل على جواز الخرص ورود السنَّة قولًا وفعلًا وامتثالًا: أما القول فحديث عتاب، وأما الفعل فحديث البخاري في هذا الباب، وأما الامتثال فما روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان له خرَّاصون.
وقال الشعبي والثوري وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: الخرص مكروه، وقال الشعبي: الخرص بدعة، وقال الثوري: خرص الثمار لا يجوز.
وفي "أحكام ابن بزيزة": قال أبو حنيفة وصاحباه: الخرص باطل، وقال الماوردي: احتج أبو حنيفة بما رواه جابر مرفوعًا: "نهى عن الخرص"، وبما رواه جابر بن سمرة:"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع كل ثمرة بخرص"، وبأنه تخمين وقد يخطئ، ولو جُوِّزَ لجوزنا خرص الزرع، وخرصُ الثمار بعد جذاذها أقربُ إلى الأبصار من خرص ما على الأشجار، فلما لم يجز في القريب لم يجز في البعيد، ولأنه تضمين رب المال بقدر الصدقة وذلك غير جائز؛ لأنه بيع رطب بتمر، وأنه بيع حاضر بغائب، وأيضًا فهو من المزابنة