المنهي عنها، وهو بيع التمر في رؤوس النخل بالثمر (١) كيلًا، وهو أيضًا من باب بيع الرطب بالتمر نسيئة، فيدخله المنع بين التفاضل وبين النسيئة.
وقالوا: الخرص منسوخ بنسخ الربا. وقال الخطابي: أنكر أصحاب الرأي الخرصَ، وقال بعضهم: إنما كان يفعل تخويفًا للمزارعين لئلا يخونوا، لا ليلزم به الحكم لأنه تخمين وغرور، أو كان يجوز قبل تحريم الربا والقمار.
ثم تعقبه الخطابي بأن تحريم الربا والميسر متقدم، والخرص عُمِلَ به في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى مات، ثم أبو بكر وعمر، - رضي الله عنهما-، فمن بعدهم، ولم يُنقَل عن أحد ولا من التابعين تركُه إلا الشعبي.
قال: وأما قولهم: إنه تخمين وغرور فليس كذلك، بل هو اجتهاد في معرفة مقدار التمر، وإدراكه بالخرص الذي هو نوع من المقادير.
قلت: قوله: تحريم الربا والميسر متقدم، يحتاج إلى معرفة التاريخ، وعندنا ما يدل على صحة النسخ، وهو ما رواه الطحاوي من حديث جابر:"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الخرص"، وقال:"أرأيتم إن هلك التمر أيحب أحدُكم أن يأكل مال أخيه بالباطل؟ "، والحظر بعد الإباحة علامة النسخ. وقوله: والخرص عمل به ... إلى قوله إلَّا الشعبي، مسلم لكنه ليس على الوجه الذي ذكروه، وإنما وجهه أنهم فعلوا ذلك ليعلم مقدار ما في أيدي الناس من الثمار فيؤخذ مثله بقدره في أيام الصرام، لا أنهم يملكون شيئًا ما يجب لله فيه ببدل لا يزول ذلك البدل.
وأما قولهم: إنه تخمين ... إلى آخره؛ ليس بكلام موجه لأنه لا شك أنه تخمين، وليس بتحقيق وعيان، وكيف يقال له: هو اجتهاد، والمجتهد في الأمور الشرعية قد يخطئ؟ ففي مثل هذا أجدر بالخطأ، وإنما كان يفعل ذلك