للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يَغْضَبُ عَلَىَّ أَنْ لَا أَجِدَ مَا أُعْطِيهِ, مَنْ سَأَلَ مِنْكُمْ وَلَهُ أُوقِيَّةٌ أَوْ عَدْلُهَا فَقَدْ سَأَلَ إِلْحَافًا». قَالَ الأَسَدِىُّ: فَقُلْتُ: لَلَقِحَةٌ لَنَا خَيْرٌ مِنْ أُوقِيَّةٍ, وَالأُوقِيَّةُ: أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا.

===

ولعل هذ الرجل كان من أجلاف العرب حديث عهد بالإِسلام، لم يتأدب بآداب الشرع أو كان منافقًا.

(فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يغضب) وفي رواية مالك: إنه لمغضب (عليَّ أن لا أجد ما أعطيه) مع أن هذا لا يقتضي الغضب بوجه.

(من سأل منكم وله أوقية) بضم الهمزة وتشديد الياء وتخفيفها (أو عدلها) بفتح العين، ما يبلغ قيمتها من غير الفضة (فقد سأل إلحافًا) أي إلحاحًا وهو أن يلازم المسؤول حتى يعطيه، أي خالف ثناء الله بقوله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} (١) ومعناه أنهم لا يسألون وإن سألوا عن ضرورة لم يلحوا. وقيل: هو نفي السؤال والإلحاح معًا كقول الشاعر:

عَلَى لاحِبٍ لا يُهْتَدى لِمَنَارِهِ (٢)

فمراده نفي المنار، والاهتداء به، ولا ريب أن نفي السؤال والإلحاح أدخل في التعفف.

(قال الأسدي: فقلت) في نفسي لما سمعت ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لَلِقْحَة) بفتح اللام الأولى ابتدائية، أو جواب قسم مقدرٍ، وكسر اللام الثانية، وقد تفتح، أي ناقة (لنا خير من أوقية، والأوقية أربعون درهمًا) هذا القول من بعض (٣) الرواة.


(١) سورة البقرة: الآية: ٢٧٣.
(٢) قاله امرؤ القيس، والمعنى: ليس به منار فيهتدى به. انظر "لسان العرب" (٥/ ٤٠٠٩).
(٣) وصرح في "الموطأ" (٢/ ٩٩٩) أنه من قول مالك. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>