للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَكِنَّ الْمِسْكِينَ الَّذِي لَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا، وَلَا يَفْطِنُونَ بِهِ فَيُعْطُونَهُ". [خ ١٤٧٩، م ١٠٣٩، ن ٢٥٧٢، حم ٧٥٢٥]

١٦٣٢ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو كَامِلٍ، الْمَعْنَى،

===

(ولكن المسكين الذي لا يسأل الناس شيئًا، ولا يفطنون به)، أي لا يعلم الناس احتياجه (فيعطونه) قال في "البدائع" (١): واختلف أهل التأويل واللغة في معنى الفقير والمسكين، وفي أن أيهما أشد حاجة وأسوأ حالًا؟ قال الحسن: الفقير الذي لا يسأل، والمسكين الذي يسأل، وهكذا ذكره الزهري، وكذا روى أبو يوسف، عن أبي حنيفة، وهو المروي عن ابن عباس - رضي الله عنه -، وهذا يدل على أن المسكين أحوج.

وقال قتادة: الفقير الذي به زمانة وله حاجة، والمسكين المحتاج الذي لا زمانة به. وهذا يدل على أن الفقير أحوج، وقيل: الفقير (٢) الذي يملك شيئًا يقوته، والمسكين الذي لا شيء له، سمي مسكينًا لما أسكنته حاجته عن التحرك فلا يقدر يبرح عن مكانه، وهذا أشبه الأقاويل، قال الله تعالى: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} (٣)، قيل في التفسير: أي استتر بالتراب وحفر الأرض إلى عانته.

والأصل أن الفقير والمسكين كل واحد منهما اسم ينبئ عن الحاجة إلَّا أن حاجة المسكين أشد، وعلى هذا يخرج قول من يقول: الفقير الذي لا يسأل، والمسكين الذي يسأل؛ لأن من شأن الفقير المسلم أنه يتحمل ما كانت له حيلة ويتعفف، ولا يخرج فيسأل وله حيلة، فسؤاله يدل على شدة حاله.

١٦٣٢ - (حدثنا مسدد وعبيد الله بن عمر وأبو كامل، المعنى) أي معنى


(١) "بدائع الصنائع" (٢/ ١٥٠).
(٢) وقريب منه ما في "الهداية" (١/ ١١٠): أن الفقير من له أدنى شيء، والمسكين من لا شيء له. (ش).
(٣) سورة البلد: الآية ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>