للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وإلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا"

===

إذا أخذت النفقة، وأنه إذا نبه على حفظ الوعاء كان فيه تنبيه على أن حفظ المال أولى، (فإن جاء صاحبها) والجزاء محذوف أي فَأَدِّها إليه، (وإلَّا فاستمتع بها) (١).

قال الحافظ (٢): واختلف العلماء فيما إذا تصرف في اللقطة بعد تعريفها سنة ثم جاء صاحبها، هل يضمنها له أم لا؟ فالجمهور على وجوب الرد إن كانت العين موجودة، أو البدل إن كانت استهلكت، وخالف في ذلك الكرابيسي صاحب الشافعي، ووافقه صاحباه البخاريُّ وداودُ بنُ علي إمامُ الظاهرية، لكن وافق داود الجمهورَ إذا كانت العين قائمة.

ومن حجة الجمهور قوله في الرواية الماضية: "لتكن وديعة عندك وقولُه أيضًا عند مسلم: "فاعرف عفاصَها ووكاءَها، ثم كُلْها، فإن جاء صاحبها فَأَدِّهَا إليه وأصرح من ذلك رواية أبي داود بلفظ: "فإن جاء باغيها فأدِّها إليه، وإلَّا فاعرف عفاصها ووكاءَها ثم كلها، فإن جاء باغيها فأدها إليه"، فأمر بأدائها إليه قبل الإذن في أكلها وبعده، وهي أقوى حجة الجمهور.

قلت: وهذا الحديث بظاهره يخالف ما ذهب إليه الأحناف من أنه إذا كان الملتقط غنيًّا لا يجوز له الانتفاع بها، وهذا الحديث يدل على أن الملتقط إذا كان غنيًّا يجوز له الانتفاع بها, لأن أبي بن كعب كان من مياسير أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأغنيائهم، ومع هذا فأباح له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الانتفاعَ بها.


(١) قال الموفق (٨/ ٣٠٠): ظاهر المذهب أن اللقطة تملك بمضي حول التعريف، واختار أبو الخطاب أن لا يملكها، وهو مذهب الشافعي، وبسطه في موضع آخر (٨/ ٢٩٩)، وقال: إذا عرَّفها حولًا ولم تُعْرَفْ، ملكها ملتَقِطُها، وبه قال الشافعي، وقال مالك وأبو حنيفة والثوري: يتصدق بها، إلا أن أبا حنيفة قال: له ذلك إن كان فقيرًا، ثم قال في موضع آخرة وتملك ملكًا مراعًى يزول بمجيء صاحبها، ويضمن له بدلها إن تعذر ردها (٨/ ٣٠١). (ش).
(٢) "فتح الباري" (٥/ ٨٤، ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>