للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ فَقَالَ: «خُذْهَا, فَإِنَّمَا هِىَ لَكَ, أَوْ لأَخِيكَ, أَوْ لِلذِّئْبِ» , قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟

===

(فقال) الرجل السائل: (يا رسول الله! فَضَالَّةُ الغنم) ما حكمها؟ (فقال: خذها) أي ضالة الغنم (فإنما هي لك، أو لأخيك، أو للذئب). قال الحافظ في "الفتح" (١): فيه إشارة إلى جواز أخذها، كأنه قال: هي ضعيفة لعدم الاستقلال، معَرَّضَةٌ للهلاك، مُتَرَدَّدَةٌ بين أن تأخذها أنت أو أخوك، والمراد به ما هو أعمُّ من صاحبها أو من مُلْتَقِطٍ آخر، والمراد بالذئب جنس ما يأكل الشاة من السباع، وفيه حث له على أَخْذِها؛ لأنه إذا علم أنه إن لم يأخذها بقيت للذئب كان ذلك أدعى (٢) له إلى أخذها ... ، وفيه دليل على رد إحدى الروايتين (٣) عن أحمد في قوله: يترك التقاط الشاة، وتمسَّك به مالك في أنه يملكها بالأخذ، ولا يلزمه غرامة ولو جاء صاحبها، واحتج له بالتسوية بين الذئب والملتقط، والذئب لا غرامة عليه، فكذا الملتقط.

وأجيب بأن اللام ليست للتمليك؛ لأن الذئب لا يملك، وإنما يمكلها الملتقط على شرط ضمانها، وقد أجمعوا على أنه لو جاء قبل أن يأكلها الملتقط لأخذها، فدل على أنها باقية على ملك صاحبها، ولا فرق بين قوله في الشاة: "هي لك، أو لأخيك، أو للذئب"، وبين قوله في اللقطة: "شأنك بها، أو خذها"، بل هو أشبه بالتملك؛ لأنه لم يشرك معه ذئبًا ولا غيره، ومع ذلك فقالوا في النفقة: يغرمها إذا تصرف فيها ثم جاء صاحبها.

(قال) أي الرجل السائل: (يا رسول الله! فَضَالَّة الإبل؟ ) أي ما حكمها؟


(١) "فتح الباري" (٥/ ٨٢).
(٢) في الأصل: "أوعى" بالواو، والصواب كما في "الفتح": "داعى" بالدال.
(٣) قال الموفق: الشاة كالذهب والفضة في التعريفِ، والملك بعده، هو الصحيح من مذهب أحمد، وعنه رواية أخرى: ليس لغير الإِمام التقاطُها، وعن مالك في الشاة توجَدُ في الصحراء: اذْبَحْها، وَكُلْها، وفي العصر: ضُمَّها حتى تجد صاحبَها ("المغني" ٨/ ٣٣٨). (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>