للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ, أَوِ احْمَرَّ وَجْهُهُ, وَقَالَ: «مَا لَكَ وَلَهَا, مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا حَتَّى يَأْتِيَهَا رَبُّهَا». [خ ٢٤٣٦، م ١٧٢٢، ت ١٣٧٢، جه ٢٥٠٤، حم ٤/ ١١٦]

===

(فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى احمرَّت وجنتاه) الوجنة ما ارتفع من الخدَّين، وفيها أربع لغات: بالواو، والهمزة، والفتح فيهما والكسرة (أو احمرّ وجهه) شك من الراوي.

(وقال: ما لك ولها، معها حِذَاؤُها) الحذاء بكسر المهملة بعدها معجمة مع المد، أي خُفُّها (وسقاؤها) أي جوفها، وقيل: عنقها، وأشار بذلك إلى استغنائها عن الحفظ لها بما رُكِّبَ في طباعها من الجلادة عن العطش وتناول المأكول بغير تعب لطول عنقها فلا تحتاج إلى ملتقط (حتى يأتيها ربُّها).

قال الحافظ (١): والضَّالُّ مِنَ الحيوان كاللقطة من غيره، والجمهور على القول بظاهر الحديث (٢) في أنها لا تُلْتقَطُ، وقال الحنفية: الأولى أن تلتقط، وحمل بعضهم النهيَ على من التقطها ليتملكها لا ليحفظها فيجوز له، وهو قول الشافعية، وكذا إذا وجدت بقرية فيجوز التملك على الأصح عندهم، والخلاف عند المالكية أيضًا، قال العلماء: حكمة النهي عن التقاط الإبل أن بقاءَها حيث ضلَّت أقرب إلى وجدان مالِكِها لها من تَطَلُّبِهِ لها في رحال الناس، وقالوا: في معنى الإبل كلُّ ما امتنع بقوته عن صغار السباع.

قلت: وأما عند الحنفية فقال في "البدائع" (٣): وكذا لقطة البهيمة من الإبل والبقر والغنم عندنا، وقال الشافعي: لا يجوز التقاطها أصلًا، واحتج بما روي


(١) "فتح الباري" (٥/ ٨٠).
(٢) قال الموفق: لا يتعرض لبعير ولا لحيوان يقوى على الامتناع كالبقر والخيل والطيور، وبهذا قال الشافعي، وقال مالك: إن وجدها في القرى يعرفها، وفي الصحراء لا يقربها، وقال أبو حنيفة: يباح التقاطها كالغنم. (انظر: "المغني" ٨/ ٣٤٣). (ش)
(٣) "بدائع الصنائع" (٥/ ٢٩٥، ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>