للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قولان: أحدهما: يُشْهِد أنه وجد لقطة، ولا يُعْلِم بالعفاص ولا غيره، لئلا يتوسل بذلك الكاذب إلى أخذها، والثاني: يشهد على صفاتها كلها حتى إذا مات لم يتصرف فيها الوارث، وأشار بعض الشافعية إلى التوسط بين الوجهين، فقال: لا يستوعب الصفات، ولكن يذكر بعضها، قال النووي: وهو الأصح.

والثاني من قولي الشافعي: أنه لا يجب الإشهاد، وبه قال مالك وأحمد وغيرهما، قالوا: وإنما يستحب احتياطًا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر به في حديث زيد بن خالد، ولو كان واجبًا لَبَيَّنه، انتهى.

قلت: إن الإشهاد عند الحنفية لتعيين جهةِ الأمانة ورفع الضمان فقط، واختلف فيه فعند أبي حنيفة إذا أشهد لا ضمان عليه، وإذا لم يُشْهِدْ وصدقه المالك بأن الملتقط أخذه ليرده على مالكه فتصديقه يرفع الضمان، وأما إذا كذبه وكان الملتقط لم يشهد عليه فعليه الضمان حينئذٍ أيضًا.

وأما عندهما فتحقق الأمانة بوجهين: إما بالتصديق من المالك بأن يصدقه في الأخذ له، أو باليمين.

قال في "البدائع" (١): وأما حالة الضمان فهي أن يأخذها لنفسه، لأن المأخوذ لنفسه مغصوب، وهذا لا خلاف فيه، وإنما الخلاف في شيء آخر، وهو أن جهة الأمانة إنما تعرف من جهة الضمان، إما بالتصديق أو بالإشهاد عند أبي حنيفة، وعندهما بالتصديق أو باليمين، حتى لو هلكت فجاء صاحبها وصدقه في الأخذ له لا يجب عليه الضمان بالإجماع وإن لم يشهد؛ لأن جهة الأمانة قد ثبتت بتصديقه، وإن كذبه في ذلك فكذا عند أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - أشهد أو لم يشهد، ويكون القول قول الملتقط مع يمينه.

وأما عند أبي حنيفة فإن أشهد فلا ضمان عليه, لأنه بالإشهاد


= ويكون قوله: "ذا عدل" ليفيد عند جحد المالك التعريف ... إلخ. ("فتح القدير" ٦/ ١١٣). (ش).
(١) "بدائع الصنائع" (٥/ ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>