للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ: «انْقُضِى رَأْسَكِ وَامْتَشِطِى وَأَهِلِّى بِالْحَجِّ وَدَعِى الْعُمْرَةَ». قَالَتْ: فَفَعَلْتُ. فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ (١):

===

فقال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (انقُضِي) شعر (رأسكِ، وامتَشِطِي، وأَهِلي) أي أحرمي (بالحج وَدَعِي العمرةَ)، قد تقدم بيان الاختلاف بين الحنفية والشافعية في عمرة عائشة (٢) - رضي الله عنها - أنها عندهم كانت عائشة - رضي الله عنها - قارنة، فدخلت أفعال العمرة في أفعال الحج، فعندهم معنى قوله: "انقضي رأسك"، أي: حلِّي شعر رأسك، وامتشطي بحيث لا ينتف شعر الرأس، وأحرمي بالحج، ودعي العمرة أي: اتركي أفعال العمرة.

وعند الحنفية لا تدخل أفعال العمرة في أفعال الحج، بل يجب أن يأتي بأفعال العمرة من الطواف والسعي أولًا، ثم يأتي بأفعال الحج، فعلى هذا في هذا الكلام دليل صريح لمذهب الحنفية؛ فإن قولها: لم أطف بين الصفا والمروة، وشكاية ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يصح إلا أن يكون عندها علم بأن أفعال العمرة لا تدخل في أفعال الحج، وكذلك أمرُها بالامتشاطِ ورفضِ العمرة كالصريح في ذلك، فإنها إذا كانت قارنة لم تترك شيئًا من أعمال العمرة، وكذلك لا يصح قولها: أرجع بحجة، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "هذه مكان عمرتك"، فثبت بهذا أنها كانت معتمرة، ثم لما أصابها الحيض رفضت العمرةَ، وأهلت بالحج، فصارت مفردة بالحج، ولم يجب عليها الهدي، بل وجب عليها دم لرفض العمرة.

(قالت: ففعلت) أي رفضت العمرة، وأَهللت بالحج، (فلما قضينا الحجَ أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع) أخي (عبدِ الرحمنِ بن أبي بكر إلى التنعيم، فاعتمرت) أي أحرمت منها للعمرة، وأديت أفعالها، فلما فرغت منها (فقال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:


(١) في نسخة: "فقال لي".
(٢) جمع ابن قتيبة في نوعية إحرامها. وتقدَّم الكلام عليه في الشرح، وسيأتي أيضًا. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>