للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: إِذَا تَنَازَعَ الْخَبَرَانِ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- يُنْظَرُ بِمَا أَخَذَ بِهِ أَصْحَابُهُ.

===

فلما علم امتنع، وفيه نظر؛ لأنه لو كان حرامًا عليه - صلى الله عليه وسلم - ما أقرَّه تعالى على الأكل منه حتى يُعلِمَه أبو قتادة بأنه صاده لأجله.

ثم قال الشوكاني: وقال البيهقي هذه الزيادة غريبة، يعني قوله: "أني اصطدته لك"، قال: والذي في "الصحيحين": "أنه أكل منه".

قلت: الحديث فيه زيادتان، أولهما: قوله: "أني إنما اصطدته لك"، والثاني: "ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته له"، أما الزيادة الأولى فهو زيادة ثقةٍ ليست بمخالفة لما في الصحاح من الروايات فهي مقبولة، وأما الزيادة الثانية فهي مخالفة لما في الروايات الصحيحة فَتُرَدُّ؛ لأنها شاذة، فالظاهر أن التي حكموا بشذوذها هي الزيادة الثانية لا الأولى، وإن كان حكمهم بالشذوذ على الزيادتين فهو على خلاف قواعدهم لنصرة المذهب لا يُقبَل منهم، وقد قال الشوكاني: قال ابن حزم: لا يشك أحد بأن أبا قتادة لم يصد الحمار إلا لنفسه ولأصحابه وهم محرمون، فلم يمنعهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من أكله، وكأنه يقول بأنه يحل صيد الحلال للمحرم مطلقًا.

(قال أبو داود: إذا تنازع الخبران عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يُنْظَر بما أخذ به أصحابُه)، حاصله أن الأحاديث مختلفة في قبول الصيد وردِّه، فيجمع المصنف بينهما باعتبار العمل أنه يُنْظَر، فيؤخَذ بما أخذ به أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن هذا لا يُجْدي نفعًا، فإن الصحابة - رضي الله عنهم - اختلفوا فيه أيضًا.

قال في "البدائع" (١): يحل للمحرم أكل صيد اصطاده الحلال لنفسه عند عامة العلماء، وقال داود بن علي الأصبهاني: لا يحل، والمسألة مختلفة بين الصحابة - رضي الله عنهم-، روي عن طلحة بن عبيد الله وقتادة وجابر وعثمان في رواية: أنه يحل، وعن علي وابن عباس وعثمان في رواية: أنه لا يحل.


(١) "بدائع الصنائع" (٢/ ٤٤٢، ٤٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>