للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

واحتج هؤلاء بقوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} (١)، أخبر أن صيد البر محرم على المحرم مطلقًا، من غير فصل بين أن يكون صيد المحرم أو الحلال، وهكذا قال ابن عباس أن الآية مبهمة لا يحل لك أن تصيده ولا أن تأكله.

ولنا (٢) ما روي عن أبي قتادة - رضي الله عنه -: "أنه كان حلالًا وأصحابه محرمون، فَشَدَّ على حمار وحشٍ" الحديث، وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لحم صيد البر حلال لكم وأنتم حرم ما لم تصيدوه أو يصاد لكم"، وهذا نص في الباب.

ولا حجة لهم في الآية؛ لأن فيها تحريم صيد البر، لا تحريم لحم الصيد، وهذا لحم الصيد وليس بصيد لانعدام معنى الصيد، وهو الامتناع والتوحش.

وأما حديث الصعب بن جثامة، فقد اختلفت الروايات فيه عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، روي في بعضها أنه أهدى إليه حمارًا وحشيًا، كذا روى مالك وسعيد بن جبير وغيرهما عن ابن عباس، فلا يكون حجة.

وحديث زيد بن أرقم محمول على صيد صاده المحرمُ بنفسه، أو غيرُه بأمرِه، أو بإعانتِه، أو بإشارَته، أو بدلالَتِه عملًا بالدلائل كلها، وسواء صاده الحلال لنفسه أو للمحرم بعد أن لا يكون بأمره عندنا.

وقال الشافعي: إذا صاده له لا يحل له أكله، واحتج بما روي عن جابر،


(١) سورة المائدة، الآية: ٩٦.
(٢) قلت: هذا بمقابلة من حرم لحم الصيد مطلقًا، وأما بمقابلة الشافعي فيمكن الاستدلال عندي أن قوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: ١]، نص في أن ما عدا محلي الصيد حلال، فالذي لا يكون فيه للمحرم دخل من الدلالة والإشارة لا يدخل في محلي الصيد، فتأمل، فإنه سنح في خاطري الكاسد. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>