للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرَجَ فَقَدْ حَلَّ

===

(قال: قال رسول (١) الله - صلى الله عليه وسلم -: من كُسِرَ) بضم الكاف وكسر السين (أو عَرَج) بفتح المهملة والراء، أي: أصابه شيء في رجله وليس بخلقة، فإذا كان خلقة قيل: "عَرِج" بكسر الراء (فقد حل) أي: جاز له أن يحل بغير دم، وهو كقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا فقد أفطر الصائم" (٢)، ومعناه: أي حل له الإفطار، فكذا ها هنا معناه يجوز له أن يحل.

أما دليل جوازه فقوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (٣)، وفيه إضمار، ومعناه - والله أعلم -: فإن أُحْصِرْتم عن إتمام الحج والعمرة، وأردتم أن تحلوا فاذبحوا ما تيسر من الهدي، إذ الإحصار نفسه لا يوجب الهدي.

ألا ترى أن له أن لا يتحلل ويبقى محرمًا كما كان، إلى أن يزول المانع فيمضي في موجب الإحرام، وهو كقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} (٤)، معناه: فحلق ففدية، وإلا فكون الأذى في رأسه لا يوجب الفدية، وكذا قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (٥)، معناه: فأفطر فعدة من أيام أخر، وإلَّا فنفس المرض والسفر لا يوجب الصوم في عدة من أيام أخر.

وكذا قوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} (٦)، معناه: فأكل فلا إثم عليه، وإلَّا فنفس الاضطرار لا يوجب الإثم، كذا ها هنا، قاله [صاحب] "البدائع" (٧).


(١) راجع: "تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة (ص ٣٨٨). (ش).
(٢) أخرجه البخاري رقم (٩٩٦)، ومسلم رقم (١١٠١)، والترمذي رقم (٦٩٨).
(٣) سورة البقرة: الآية ١٩٦.
(٤) سورة البقرة: الآية ١٨٤.
(٥) سورة البقرة: الآية ١٩٦.
(٦) سورة البقرة: الآية ١٧٣.
(٧) "بدائع الصنائع" (٢/ ٣٩٤، ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>