قال الشوكاني (١): تمسك بظاهر هذا أبو ثور وداود فقالا: إنه يحل في مكانه بنفس الكسر والعرج، وأجمع بقية العلماء على أنه يحل من كسر أو عرج، ولكن اختلفوا فيما به يحل، وعلام يُحمَل هذا الحديث؟ فقال أصحاب الشافعي: إنه يُحمَل على ما إذا اشترط التحلل به، فإذا وجد الشرط صار حلالًا, ولا يلزم الدم، وقال مالك وغيره: يحل بالطواف بالبيت، لا يحله غيره، ومن خالفه من الكوفيين [يقول]: يحل بالنية والذبح والحلق، انتهى.
ثم قد اختلف الحنفية والشافعية في الإحصار، فقالت الحنفية: الإحصار يتحقق من كل ما يمنعه من المضي في موجب الإحرام، وقالت الشوافع: لا بد للإحصار من العدو.
ووجه قول الشافعي: أن آية الإحصار نزلت في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أُحْصِروا من العدو، وفي آخر الآية دليل عليه، وهو قوله عزَّ وجلَّ:{فَإذَآ أَمِنتُمْ}، والأمان من العدو يكون، وروي عن ابن عباس وابن عمر:"لا حصر إلا من عدو".
ولنا عموم قوله تعالى:{فَإِنْ أُحْصِرتمُ}، والإحصار: هو المنع، والمنع كما يكون من العدو يكون من المرض وغيره، والعبرة بعموم اللفظ عندنا لا بخصوص السبب.
وأما قوله تعالى:{فَإذَآ أَمِنتُمْ}، فالجواب عنه بالوجهين، أحدهما: أن الأمن كما يكون من العدو يكون من زوال المرض، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الزكام أمان من الجذام"، ولأنه إذا زال مرض الإنسان أمن الموت منه.
والثاني: أن هذا يدل على أن المُحصَرَ من العدو مراد من الآية الشريفة، وهذا لا ينفي كونَ المحصَر من المرض مرادًا منها.
وما روي عن ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهما - أنه إن ثبت