للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ

===

وقد نص القسطلاني في "المواهب اللدنية" (١) على أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصل صلاة الليل في تلك الليلة، فما في "الإحياء" (٢): ينبغي أن لا يترك نوافل الليل في هذه الليلة، بل جعل أداءَها في هذه الليلة من المهمات، فليس على ما ينبغي، انتهى.

قلت: ما في "الإحياء" فالظاهر أنه مبني على قول من قال: إن صلاة التهجد كان واجبًا عليه - صلى الله عليه وسلم -، فالظاهر أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يترك واجبه، وما في الحديث: أنه اضطجع حتى طلع الفجر، مبني على علم الراوي.

وأيضًا يمكن أن يقال على كلا التقديرين يعني على قول الوجوب عليه والسنيَّة: قول الراوي: "اضطجع حتى طلع الفجر"، إما أن يكون محمولًا على علم الراوي بأنه لم يره صلَّى، أو يقال: اضطجع بعد أداء راتبة المغرب والعشاء والوتر؛ فإن صلاة الوتر واجبة عند الحنفية، فعلى قولهما يلزم أنه - صلى الله عليه وسلم - ترك الوتر أيضًا كما ترك صلاة التهجد أيضًا، وإلا فالوتر كما يطلق على الوتر يطلق على صلاة الليل مطلقًا، فالظاهر أنه - صلى الله عليه وسلم - صلَّى التهجد مع الوتر، فلا ينبغي أن يقال: إنه - صلى الله عليه وسلم - ترك صلاة الليل، والله أعلم.

(حتى طلع الفجر) تقوية للبدن ورحمة للأمة، ثم المبيت عندنا سنَّة وعليه بعض المحققين من الشافعية، وقيل: واجب، وهو مذهب الشافعي، وقيل: ركن لا يصح إلا به كالوقوف وعليه جماعة من الأجلة، وقال مالك: النزول واجب، وكذا الوقوف بعده، ثم المبيت بمعظم الليل، والصحيح أنه بحضور لحظة بالمزدلفة.

وقال في "البدائع" (٣): اختلف أصحابنا في الوقوف بمزدلفة، قال بعضهم: إنه واجب، وقال الليث: إنه فرض، وهو قول الشافعي.

وأما زمانه: فما بين طلوع الفجر من يوم النحر وطلوع الشمس،


(١) انظر: "شرح الزرقاني على المواهب" (١١/ ٤١٥).
(٢) انظر: "إحياء علوم الدين" (١/ ٢٣٢).
(٣) "بدائع الصنائع" (٢/ ٣٢٠، ٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>