وقيل: إنما أتمَّ عثمان الصلاة بمنى لأن الأعراب كانوا كثروا في ذلك العام، فأحب أن يعلمهم أن الصلاة أربع.
قلت: وهذا الوجه أيضًا بعيد؛ لأن الناس كثروا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، حتى قيل: إنهم زادوا على مائة ألف، فلو كان كثرة الناس واجتماعهم سببًا للإتمام لكان أحق به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه وقع في بدء الإِسلام، فالخوف ههنا كان أشد.
١٩٦١ - (حدثنا محمد بن العلاء، أنا ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري: أن عثمان) - رضي الله عنه - (إنما صلَّى بمنى أربعًا لأنه) أي عثمان (أجمع) أي عزم وصمم عزيمته (على الإقامة) أي أيامًا (بعد الحج).
وحاصل هذا الوجه: أن عثمان - رضي الله عنه - لما تأهل بمكة، واتخذ الأموال بالطائف، أراد أن يقيم بمكة وبالطائف أيامًا، ثم يرجع إلى المدينة، فلهذا أتم الصلاة بها لأنه صار مقيمًا بالتأهل.
وأما الاعتراض عليه بأن قيام المهاجر في غير مهاجره حرام ممنوع، فإن الممنوع والمحرم استيطان مكة لا القيام بها عدة أيام، وقد رثى النبي - صلى الله عليه وسلم - لسعد بن خولة أن مات بمكة، وقد أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة زمن الفتح فأقام بها خمس عشرة ليلة، وأقام ابن عباس في الطائف أميرًا وتوفي بها، وكذا علي بالكوفة.
وأما حديث العلاء بن الحضرمي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ثلاث للمهاجر بعد الصدر"، فيحتمل أنه لم يبلغه، وإن بلغه فيكون محمولًا، على