للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن المباحث اللطيفة التي ظهرت فيها سلامة فكر المؤلف واطلاعه الواسع على كتب الحديث مسألة القسامة، ويزول بكلامه اختلاف الروايات.

وكذلك من محاسن الكتاب ومن مواضعه المهمة التي ظهر فيها جهد المؤلف وإمعانه: أحاديث الفتن والملاحم، وقد اجتهد في تعيين هذه الفتن التي أشير إليها في هذه الأحاديث، واهتم بترجيح الراجح، وعين بعضها باجتهاده واستقصائه، ويرى القارئ مثاله في شرح كلام قتادة حيث جاء في الكتاب: "وكان قتادة يضعه على الردة التي في زمن أبي بكر على أقذاء، يقول: "قَذى وهُدنة يقول: صلحٌ على دخن: على ضغائن".

وقد أشار في شرح حديثه إلى فتنة الشريف حسين بن علي، فليراجع ذلك في حديث عبد الله بن عمر الذي جاء فيه: "ثم يصطلح الناس على رجل كوَرِكٍ على ضلع" (١)، وذكر ذلك في تفصيل ووضوح.

ويظهر في كلامه في مثل هذه المناسبات ثقته بتحقيقه وجزمه بما توصل إليه في البحث والتأمل، ولا يغلب عليه التواضع والتردد، فيبعث هذا الجزم والثقة واليقين في نفس القارئ، وهذا من سياسة التعليم وحكمة التربية ومن محاسن الشرح.

وقد يتردَّد الشارح في صحة لفظ ورد في حديث، فيجتهد في تحقيقه اجتهادًا بالغًا ولا يدَّخِرُ جهدًا.

ويرى القارئ نموذج ذلك في "باب عبيد المشركين يلحقون بالمسلمين فيسلمون" في كتاب الجهاد، فقد ورد في متن الحديث عن علي بن أبي طالب قال: "خرج عبدان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني يوم الحديبية قبل الصلح" وقد أطال الشارح الكلام في وقوع القصة يوم الحديبية، وأثبت أن


(١) انظر: "بذل المجهود" كتاب الفتن والملاحم (١٢/ ٢٧٠ - ٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>