للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤمِنِينَ، وَإِنَّمَا أُحِلَّت لِي سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ، ثُمَّ هِيَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا،

===

فوجَّهوه راجعًا إلى اليمن فقام يهرول، فوجَّهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك، ووجَّهوه إلى مكة فبرك.

وأرسل الله إليهم طيرًا من البحر أمثال الخطاطيف، مع كل طير ثلاثة أحجار يحملها: حجر في منقاره، وحجران في رجليه مثل الحمص والعدس، لا يصيب منهم أحدًا إلا هلك، وليس كلهم أصابت، وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي منه جاؤوا، فخرجوا يتساقطون بكل طريق، ويهلكون على كل منهل، فأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم، فسقطت أنامله أنملة أنملة، كل ما سقطت أنملة أتبعتها مِدّة قيحًا ودمًا، حتى قدموا صنعاء، وهو مثل فرخ الطير، فما مات حتى انصدع قلبه عن صدره فيما يزعمون.

(وسلط عليها) أي على مكة (رسولَه والمؤمنين) وهذا يدل على أن فتح مكة كان عنوة وهو مذهب الحنفية والجمهور، (وإنما أحلت لي ساعة من النهار) وهي الساعة التي دخل فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع جيوشه مكةَ (ثم هي) أي مكة (حرام) أي محترم (١) أو حرام فيها القتال وغيره (إلى يوم القيامة، لا يُعْضَدُ) أي لا يُقطَع (شجرُها) أي الرطب الذي نبت بنفسه حتى لا يقطع الشوك، وأما الشجر التي ينبتها الناس فيباح لهم قطعه.

قال الشوكاني (٢): قال القرطبي: خص الفقهاء الشجر المنهي عنه بما


(١) واختلفوا هل كانت محرمة قبل دعوة إبراهيم بدليل قوله - عليه السلام -: "إن الله حرَّم مكة يوم خلق السموات والأرض"، وقول إبراهيم: {إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} [إبراهيم: ٣٧] أو كانت بدعوته بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن إبراهيم حرَّم مكة، وإني حرَّمت المدينة"؛ قولان للعلماء، والجمع أنها كانت محرمة قبل دعوته، لكن أظهر حرمته بدعوته إلى آخر ما بسطه. "الخازن". (ش).
(٢) "نيل الأوطار" (٣/ ٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>