للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقال الليث بن سعد، وابن شبرمة، وجابر بن زيد، وأبو حنيفة، ومحمد، وزفر، ومالك: لا يجوز ذلك. وقال الطحاوي: ليس لأحدٍ غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل هذا، فيتم له النكاح بغير صَداق سوى العتاق، وإنما كان ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الله عزَّ وجلَّ جعل له أن يتزوج بغير صداق، ويكون له التزوج على العتاق الذي ليس بصداق. وقال أبو حنيفة: إن فعل ذلك رجلٌ وقع العتاقُ ولها عليه مهر المثل، فإن أبت أن تتزوجه تسعى له في قيمتها، وقال مالك وزفر: لا شيء عليها.

واحتجت الطائفة الأولى بهذا الحديث فيما ذهبوا إليه.

وأجابت الطائفة الثانية بأجوبة. منها: أنهم قالوا: هذا من قول أنس؛ لأنه لم يسنده، فلعله تأويل منه إذ لم يسمَّ لها صَداق.

ومنها: ما قاله الطحاوي: إنَّه (١) مخصوص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس لغيره أن يفعل ذلك.

ومنها: أن الطحاوي روى عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه فعل في جويرية بنتِ الحارث مثل ما فعله في صفية، ثم قال ابن عمر بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذا الحكم: إنه يجدد لها صَداقًا، فدل هذا أن الحكم في ذلك بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على غير ما كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويحتمل أن يكون ذلك سماعًا سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويحتمل أن يكون دله على هذا خصوصيته - صلى الله عليه وسلم - بذلك. وعلى كلا التقديرين تقوم الحجة لأهل المقالة الثانية.

قلت: ومما يؤيد كلام ابن عمر ما روى البيهقي من حديث القواريري: حدثتنا عليلة بنت الكميت عن أمها أميمة [عن أمة الله] (٢) بنت رزينة، عن أمها رزينة قالت: لما كانت يوم قريظة والنضير جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصفية يقودها سبية،


(١) في الأصل: "كله"، وهو تحريف.
(٢) سقط في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>