وبه جزم المحب الطبري في "أحكامه"، وقرَّره بعضهم بأن قصة سالم كانت في أوائل الهجرة، والأحاديث الدالة على اعتبار الحولين من رواية أحداث الصحابة، فدَلَّ على تأخرها، وهو مستند ضعيف إذ لا يلزم من تأخر إسلام الراوي ولا صغره أن لا يكون ما رواه متقدمًا، ومنها دعوى الخصوصية بسالم وامرأة أبي حذيفة.
والأصل فيه قول أم سلمة وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما نرى هذا إلَّا رخصة أرخصها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسالم خاصة، وقَرَّرَه ابن الصباغ وغيره، وقرَّره آخرون بأن الأصل أن الرضاع لا يحرم، فلما ثبت ذلك في الصغر خولف الأصل له، وبقي ما عداه على الأصل، وقصة سالم واقعة عين يطرقها احتمال الخصوصية، فيجب الوقوف عن الاحتجاج بها.
وقد اختلفوا في تقدير المدة التي يقتضي الرضاع فيه التحريم على أقوال:
الأول: أنه لا يحرم منه إلَّا ما كان في الحولين، وهو محكي عن عمر وابن عباس وابن مسعود والشافعي وأبي حنيفة والثوري والحسن بن صالح ومالك وزفر ومحمد، فمروي عن أبي هريرة وابن عمر وأحمد وأبي يوسف وسعيد بن المسيب والشعبي وابن شبرمة وإسحاق وأبي عبيد وابن المنذر.
القول الثاني: أن الرضاع المقتضي للتحريم ما كان قبل الفطام، وإليه ذهبت أم سلمة، وروي عن ابن عباس، وبه قال الحسن والزهري والأوزاعي وعكرمة وقتادة.
القول الثالث: أن الرضاع في حال الصغر يقتضي التحريم، ولم يحدّه القائل بحدٍّ، روي ذلك عن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ما خلا عائشة وعن ابن عمر وسعيد بن المسيب.
القول الرابع: ثلاثون شهرًا، وهو رواية عن أبي حنيفة وزفر.