للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أن يعاقبه إن طلقها، فصحَّحَ نكاحه ولم يأمره باستئنافه، وروى عبد الرزاق أيضًا عن عروة بن الزبير أنه كان لا يرى بأسًا بالتحليل إذا لم يعلم أحد الزوجين.

قال ابن حزم: وهو قول سالم بن عبد الله والقاسم بن محمد، قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (١): وصح عن عطاء في من نكح امرأة محللًا، ثم رغب فيها فأمسكها قال: لا بأس بذلك. وقال الشعبي: لا بأس بالتحليل إذا لم يأمر به الزوج. وقال الليث بن سعد: إن تزوجها ثم فارقها فترجع إلى زوجها. وقال الشافعي وأبو ثور: المحلل الذي يفسد نكاحه هو من تزوجها ليحلها، ثم يطلقها، فأما من لم يشترط ذلك في عقد النكاح، فعقده صحيح، لا داخلة فيه، سواء شرط عليه ذلك قبل العقد أو لم يشرط، نوى ذلك أو لم ينوه.

قال أبو ثور: وهو مأجور، وروى بشر بن الوليد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة مثل هذا سواء، وروى أيضًا عن محمد وأبي يوسف عن أبي حنيفة: أنه إذا نوى الثاني والمرأة التحليل للأول لم تحل له بذلك. وروى الحسن بن زياد عن زفر وأبي حنيفة: أنه إن شرط عليه في نفس العقد أنه إنما تزوجها ليحلها للأول، فإنه نكاح صحيح، ويبطل الشرط، وله أن يقيم معها، فهذه ثلاث روايات عن أبي حنيفة.

قالوا: وقد قال الله تعالى: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (٢)، وهذا زوج قد عقد بمهر وولي، ورضاها وخلوها عن المانع الشرعي، وهو راغب في ردها إلى زوجها الأول، فيدخل في حديث ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا، إلَّا نكاح رغبةٍ"، وهذا نكاح رغبة في تحليلها للمسلم، كما أمر الله تعالى بقوله: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}، والنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما شرط في عودها إلى الأول مجرد ذوق العُسَيْلة بينهما، فالعُسَيْلة حلت له بالنص.


(١) (٣/ ١٩٥).
(٢) سورة البقرة: الآية ٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>