للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

جاء يخطبها، فقلت له: لا تعود إليك أبدًا، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، وهو أصرح دليلِ على اعتبار الولي، وإلَّا لما كان لعضله معنى؛ ولأنها لو كان لها أن تزوج نفسها لم تحتج إلى أخيها؛ ومن كان أمره إليه، لا يقال: إن غيره منعه عنه.

وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يشترط الولي أصلًا، ويجوز أن تزوج نفسها ولو بغير إذن وليها، إذا تزوجت كفؤًا، واحتج بالقياس على البيع، فإنها تستقل به، وحمل الأحاديث الواردة في اشتراط الولي على الصغيرة، وخص بهذا القياس عمومها، وهو عمل سائغ في الأصول، وهو جواز تخصيص العموم بالقياس. لكن حديث معقل المذكور رفع هذا القياس.

قلت: لم يحتج الإِمام أبو حنيفة - رحمه الله تعالى- في هذه المسألة بالقياس فقط، كما ظنه الحافظ - رحمه الله - وهو عجيب من مثله، بل احتج بكتاب الله تعالى وسنَّة رسوله، والاستدلال، أما الكتاب فقوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} (١)، فالآية الشريفة نص على انعقاد النكاح بعبارتها، وانعقادها بلفظ الهبة، فكانت حجةً على المخالف في المسألتين.

وقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (٢). والاستدلال به من وجهين: أحدهما: أنه أضاف النكاح إليها فيقتضي تصوَّر النكاح منها. والثاني أنه جعل نكاح المرأة غاية الحرمة، فيقتضي انتهاء الحرمة عند نكاحها نفسها، وعنده لا تنتهي.

وقوله عزَّ وجلَّ: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا} (٣) أي: يَتَنَاكَحَا، أضاف النكاح إليهما من غير ذكر الولي.


(١) سورة الأحزاب: الآية ٥٠.
(٢) سورة البقرة: الآية ٢٣٠.
(٣) سورة البقرة: الآية ٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>