ثم أخرج بسنده حديث سعيد بن سلمة بن أبي الحسام قال: نا صالح ابن كيسان، عن عبد الله بن الفضل، عن نافع بن جبير بن مطعم قال: سمعت ابن عباس [يقول: ] قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الأيِّم أحق بنفسها من وليها" الحديث.
ثم أخرج حديث معمر عن صالح بن كيسان، عن نافع بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس للولي مع الثيب أمرٌ" الحديث. ثم قال: كذا رواه معمر عن صالح، والذي قبله أصح في الإسناد والمتن؛ لأن صالحًا لم يسمعه من نافع بن جبير، وإنما سمعه من عبد الله بن الفضل عنه، اتفق على ذلك ابن إسحاق وسعيد بن سلمة، عن صالح، سمعت النيسابوري يقول: الذي عندي أن معمرًا أخطأ فيه، انتهى.
وقال النسائي: لعل صالح بن كيسان سمعه من عبد الله بن الفضل، كذا رواه من طريق ابن إسحاق عن صالح بن كيسان، قلت: سماع صالح بن كيسان عن نافع بن جبير ليس ببعيد، فإنه رأى ابن عمر وابن الزبير.
ووقع في "كتاب الزكاة" من "صحيح البخاري": صالح أكبر من الزهري، أدرك ابن عمر. وأما نافع بن جبير فإنه كما قال الواقدي عن ابن أبي الزناد: مات سنة تسع وتسعين، فلا استحالة في لقاء صالح بن كيسان نافعَ بن جبير، فيمكن أنه سمع من عبد الله بن الفضل، ثم سمعه من صالح بن كيسان أيضًا، ولا مضايقة فيه.
وأما معمر بن راشد، فهو ثقة ثبت فاضلٌ، وكان فقيهًا حافظًا متقنًا. فمخالفة ابن إسحاق وسعيد بن سلمة لا يضرُّه، فإنَّ ابن إسحاق من تعرف حاله، وأما سعيد بن سلمة بن أبي الحسام، قال النسائي: شيخ ضعيف، وقال أبو حاتم: سألت ابن معين عنه، فلم يعرفه.