واستدل به على جواز التزعفر للعروس، وخص به عموم النهي عن التزعفر للرجال، وتعقب باحتمال أن تكون تلك الصفرة كانت في ثيابه دون جسده، وهذا الجواب للمالكية على طريقتهم في جوازه في الثوب دون البدن.
وقد نقل ذلك مالك عن علماء المدينة، ومنع من ذلك أبو حنيفة والشافعي ومن تبعهما في الثوب أيضًا، وتمسكوا بالأحاديث الواردة في ذلك وهي صحيحة، وعلى هذا فأجيب عن قصة عبد الرحمن بأجوبة:
أحدها: أن ذلك كان قبل النهي، ويؤيده أن سياق قصة عبد الرحمن يشعر بأنها كانت في أوائل الهجرة، وأكثر من روى النهي ممن تأخرت هجرته.
وثانيها: أن أثر الصفرة التي كانت على عبد الرحمن تعلقت به من جهة زوجته، فكان ذلك غير مقصود له، ورجحه النووي، وعزاه إلى المحققين، وجعله البيضاوي أصلًا.
ثالثها: أنه كان قد احتاج إلى التطيب للدخول على أهله، فلم يجد من طيب الرجال حينئذ شيئًا، فتطيب من طيب المرأة، وصادف أنه كان فيه صفرة، فاستباح القليل منه عند عدم غيره جمعًا بين الدليلين، وقد ورد الأمر في التطيب للجمعة، ولو من طيب المرأة، فبقي أثر ذلك عليه.
رابعها: كان يسيرًا ولم يبق إلا أثره، فلذلك لم ينكر.
خامسها: وبه جزم الباجي، أن الذي يكره من ذلك ما كان من زعفران وغيره من أنواع الطيب، وأما ما كان ليس بطيب فهو جائز.
سادسها: أن النهي عن التزعفر للرجال ليس على التحريم بدلالة تقريره لعبد الرحمن بن عوف في هذا الحديث.
سابعها: أن العروس يستثنى من ذلك، ولا سيما إذا كان شابًا،