للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وذهب كثير منهم إلى وقوعه مع منع جوازه، واحتج له بعضهم بحديث محمود بن لبيد عند النسائي: قال: "أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا، فقام مغضبًا فقال: أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم"؟ رجاله ثقات.

والجواب عنه أولًا: أن محمود بن لبيد ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يثبت له منه سماع، وعداده في الصحابة لأجل الرؤية.

وثانيًا: أن النسائي قال بعد تخريجه: لا أعلم أحدًا رواه غير مخرمة بن بكير عن أبيه. وقد قيل: إنه لم يسمع من أبيه.

وثالثًا: على تقدير صحة حديث محمود، فليس فيه بيان أنه هل أمضى عليه الثلاث مع إنكاره عليه إيقاعها مجموعة، أو لا؟ فأقل أحواله أن يدل على تحريم ذلك وإن لزم، وقد تقدم الكلام على حديث ابن عمر في طلاق الحائض أنه قال لمن طلق ثلاثًا مجموعة: "عصيت ربك، وبانت منك امرأتك".

وأخرج أبو داود بسند صحيح من طريق مجاهد قال: "كنت عند ابن عباس، فجاء رجل، فقال: إنه طلق امرأته ثلاثًا، فسكت حتى ظننت أنه سيردها إليه، فقال: ينطلق أحدكم فيركب الأحموقة، ثم يقول: يا ابن عباس! يا ابن عباس! إن الله قال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (١)، وإنك لم تتق الله، فلا أجد لك مخرجًا، عصيت ربك، وبانت منك امرأتك".

ومن القائلين بالتحريم واللزوم من قال: إذا طلق ثلاثًا مجموعة، وقعت واحدة، وهو قول محمد بن إسحاق صاحب المغازي، واحتج بما رواه داود بن الحصين عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "طلق ركانة بن عبد يزيد امرأته ثلاثًا في مجلس واحد" الحديث، وفيه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما تلك واحدة فارتجعها إن شئت". وهذا الحديث نص في المسألة، وقد أجابوا عنه بأربعة أشياء.


(١) سورة الطلاق: الآية ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>