للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٢٧٨ - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، نَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عن يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عن مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عن نَافِعِ بْنِ عُجَيْرٍ، عن أَبِيهِ،

===

فإن قلت: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه القصة بقضائين: أولهما الاستهام والاقتراع، وثانيهما التخيير للولد. وأما أبو هريرة فقضى في القصة التي وردت عليه بالاستهام فقط؛ فكيف خالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟

قلت: أما قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقضائين، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قضى أولًا باجتهاده لقطع النزاع بينهما بالاستهام، فلما رأى الولد كبيرًا، وقد قالت: "وقد سقاني من بئر أبي عنبة"، ولا يقدر على الاستقاء من الأبيار إلَّا الكبير البالغ، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتخيير للغلام، ونسخ القضاء الأول.

وأما قضاء أبي هريرة فإنه لم يخالف في قضائه قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل وافقه، ولكن اختصر الراوي، فذكر من قضائه الاستهام فقط، وتَرَك ذكرَ التخيير، يدل عليه ما نقله الزيلعي (١) عن ابن حبان بعد تخريج هذا الحديث، فقال: ورواه ابن حبان في "صحيحه" في النوع السادس والثلاثين من القسم الخامس بلفظ الترمذي، وزاد فيه: "وأن أبا هريرة خَيَّر غلامًا بين أبيه وأمه".

وهذا يدل على أن تخيير أبي هريرة للغلام كان في الحديث، فكأنه تركه الراوي، فتخيير أبي هريرة للغلام إن كان للكبير البالغ فهو يوافقنا، وإن كان للصغير فهو اجتهاد منه - رضي الله عنه -، ولا يضرنا، وقد ثبت عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه قضى في عاصم بن عمر بن الخطاب لأمه، ولم يخيره ذلك، وكان بمحضر من الصحابة - رضي الله عنهم-، ولم ينكره أحد.

٢٢٧٨ - (حدثنا العباس بن عبد العظيم، نا عبد الملك بن عمرو، نا عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن نافع بن عجير، عن أبيه) أي: عجير بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف


(١) "نصب الراية" (٣/ ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>