للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غَفَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". [خ ١٥٩، م ٢٢٦، ن ٨٤]

===

عثمان: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من توضأ مثل وضوئي (١) هذا، ثم صلَّى ركعتين) فيه استحباب صلاة ركعتين عقيب (٢) الوضوء (لا يحدِّث (٣) فيهما نفسه) المراد به ما يمكن المرء قطعه, لأن قوله: "يحدث" يقتضي تكسبًا منه، فأما ما يهجم من الخطرات والوساوس ويتعذر دفعه، فذلك معفو عنه (٤)، نعم، من اتفق أن يحصل له عدم حديث النفس أصلًا أعلى درجة بلا ريب، ثم إن تلك الخواطر منها ما يتعلق بالدنيا، والمراد دفعه مطلقًا، ومنها ما يتعلق بالآخرة، فإن كان أجنبيًّا أشبه أحوال الدنيا، وإن كان فيما يتعلق بأمور الآخرة، كالفكر في معاني المتلو من القرآن، والمذكور من الدعوات والأذكار، أو في أمر محمود أو مندوب إليه، لا يضر ذلك، وقد ورد عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: "إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة" (٥).

(غفر الله عَزَّ وَجَلَّ له ما تقدم من ذنبه) يعني من الصغائر دون الكبائر، لأنه قيد في بعض تلك الروايات بقوله: "ما لم يؤت كبيرة"، وأيضًا ورد في النص القرآني ارتفاع الكبيرة بالتوبة بطريق الحصر، وظاهر الحديث يعم


(١) وفي "الصحيحين": "نحو وضوئي"، وبسط ابن رسلان على المثل والنحو كلامًا طويلاً، وابن دقيق العيد مختصرًا، [انظر: "إحكام الإحكام" (١/ ٣٧)]. (ش).
(٢) وهي من السنن المؤكدة عند الشافعية خلافًا للمالكية، صرَّح به ابن رسلان. (ش).
(٣) حاصل ما يظهر من ابن رسلان أن فيه ثلاثة أقوال، لا يحدث مكتسبًا من أمور الدنيا أو الآخرة المتعلقة بالصلاة، وقال عياض: لا يحدث مطلقًا ورأسًا، وردَّه النووي فقال: يحصل الفضل مع طريان الخواطر المعارضة غير المستقرة، وسيأتي بعض ما يتعلق به في "باب كراهية الوسوسة". (ش).
(٤) وبه جزم النووي كما بسطه صاحب "الغاية". (ش)
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢/ ٣١٤)، كتاب صلاة التطوع، باب في حديث النفس في الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>