للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ " قَالَ: لَا، قَالَ: "اجْلِسْ" (١)، فَأُتِيَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَقٍ

===

هل يكون ذلك عذرًا -أي شدة الشبق- حتى يعد صاحبه غير مستطيع للصوم أو لا؟ والصحيح عندهم اعتبار ذلك، ويلتحق به من لا يجد رقبة لا غنى به عنها، فإنه يسوغ له الانتقال إلى الصوم مع وجودها لكونه في حكم غير الواجد (٢).

(قال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينًا؟ ) (٣) قال الحافظ (٤): ذكر في حكمة هذه الخصال من المناسبة: أن من انتهك حرمة الصوم بالجماع فقد أهلك نفسه بالمعصية، فناسب أن يعتق رقبة فيفدي نفسه، وقد صح أن من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوًا منه من النار، وأما الصيام فمناسبته ظاهرة, لأنه كالمقاصة بجنس الجناية، وأما كونه شهرين فلأنه لما أمر بمصابرة النفس في حفظ كل يوم من شهر رمضان على الولاء، فلما أفسد منه يومًا كان كمن أفسد الشهر كله من حيث أنه عبادة واحدة بالنوع، فكلف بشهرين مضاعفة على سبيل المقابلة لنقيض قصده، وأما الإطعام فمناسبته ظاهرة, لأنه مقابلة كل يوم بإطعام مسكين.

(قال) أي الرجل: (لا، قال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اجلس) (٥) وانتظر فرج الله تعالى، (فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بعَرَق)، هو زنبيل منسوج من نسائج الخوص


(١) زاد في نسخة: "قال".
(٢) وقال أيضًا: أما ما رواه الدارقطني أنه قال في الجواب: "إني لأدع الطعام ساعة فما أطيق ذلك"، ففي إسناده مقال، وعلى تقدير صحته فلعله اعتل بالأمرين، انظر: "فتح الباري" (٤/ ١٦٦). (ش).
(٣) وفي "شرح الإقناع" (٢/ ٣٩٢): (فرع): وقع السؤال في الدرس عن دفع الكفارة للجن هل يجزئ ذلك أم لا؟ والجواب أن الظاهر عدم الإجزاء أخذًا من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم"، إذ الظاهر فقراء بني آدم إلى آخر ما قال. (ش).
(٤) "فتح الباري" (٤/ ١٦٦).
(٥) والظاهر أنه كان قائمًا، فيؤخذ منه الأدب في مخاطبة العالم، انتهى. "ابن رسلان". (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>