الاختلاف المتقدم، فأما من أفطر متعمدًا، فليس في إيجاب القضاء عليه نص.
ثم اختلفوا من ذلك في مواضع، منها: هل الإفطار متعمدًا بالأكل والشرب، حكمه حكم الإفطار بالجماع في القضاء والكفارة أم لا؟ ومنها: إذا جامع ساهيًا ماذا عليه؟ ومنها: ماذا على المرأة إذا لم تكن مكرهة؟ ومنها: هل الكفارة الواجبة فيه مترتبة أو على التخيير؟ ومنها: كم المقدار الذي يجب أن يعطى كل مسكين إذا كفر بالإطعام؟ ومنها هل الكفارة متكررة بتكرر الجماع أم لا؟ ومنها: إذا لزمه الإطعام وكان معسرًا هل يلزمه الإطعام إذا أثري أم لا؟
أما المسألة الأولى: وهي: هل تجب الكفارة بالإفطار بالأكل والشرب متعمدًا؟ فإن مالكًا وأصحابه وأبا حنيفة وأصحابه والثوري وجماعة ذهبوا إلى أن من أفطر متعمدًا بأكل أو شرب أن عليه القضاء والكفارة، وذهب الشافعي وأحمد وأهل الظاهر إلى أن الكفارة إنما تلزم في الإفطار من الجماع فقط، وجه قول الشافعي وأحمد وغيرهما أن وجوب الكفارة ثبت معدولًا به عن القياس، لأن وجوبها لدفع الذنب، والتوبة كافية لدفع الذنب، ولأن الكفارة من باب المقادير، والقياس لا يهتدي إلى تعيين المقادير، وإنما عرف وجوبها بالنص، والنص ورد في الجماع، والأكل والشرب ليسا في معناه, لأن الجماع أشد حرمة منهما، حتى يتعلق به وجوب الحد دونهما، فالنص الوارد في الجماع لا يكون واردًا في الأكل والشرب، فيقتصر على مورد النص.
واحتجَّ أبو حنيفة ومالك وغيرهما بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"من أفطر في رمضان متعمدًا فعليه ما على المُظاهر"(١)، وعلى المُظاهر الكفارة بنصِّ الكتاب، فكذا على المفطر متعمدًا.
واحتجُّوا أيضًا بالاستدلال بالمواقعة والقياس عليها، أما الاستدلال بها