للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

منهما شرع لغير ما شرع له الآخر، فلا يسقط صوم القضاء بصوم شهرين كما لا يسقط بالإعتاق، وقد روي عن أبي هريرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الذي واقع امرأته أن يصوم يومًا".

وأمّا المسألة الرابعة: وهي هل هذه الكفارة مرتبة، ككفارة الظهار، أو على التخيير؟ والمراد بالترتيب أن لا ينتقل المكلف إلى واحد من الواجبات المخيرة إلَّا بعد العجز عن الذي قبله، وبالتخيير أن يفعل منها ما شاء ابتداء من غير عجز عن الآخر، فاختلفوا في ذلك، فقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري وسائر الكوفيين: هي مرتبة، فالعتق أولًا، فإن لم يجد فالصيام، فإن لم يستطع فالإطعام.

وقال مالك: هي على التخيير، ولكن وقع في "المدونة": ولا يعرف مالك غير الإطعام، ولا يأخذ بعتق ولا صيام، قال ابن دقيق العيد: وهي معضلة لا يهتدى إلى توجيهها مع مصادمة الحديث الثابت، غير أن بعض المحققين من أصحابه حمل هذا اللفظ، وتأوله (١) على الاستحباب في تقديم الطعام على غيره من الخصال.

وأما المسألة الخامسة: وهو اختلافهم في مقدار الإطعام (٢)، فإن مالكًا والشافعي وأصحابهما قالوا: يطعم لكل مسكين مدًا بمد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يجزئ أقل من مُدَّين بمُد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذلك نصف صاع لكل مسكين، فالحنفية يقيسونها على صدقة الفطر بعلة أنه أوجب كفاية للمسكين في يومه.


(١) هكذا أوله الزرقاني وهو مختار الباجي. (ش)، (انظر: "شرح الزرقاني" (٢/ ١٧٢) و"المنتقى" (٢/ ٥٤).
(٢) وعند أحمد مُدٌّ من بر، أو مدان من تمر، وعندنا الحنفية صاع من شعير أو تمر، أو نصف صاع من بر كما في صدقة الفطر، وعند مالك والشافعي مد من كل شيء، كذا في "الأوجز" (٥/ ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>