للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَتْ: وَإِنَّهُ أَرَادَ مَرَّةً أَنْ يَعْتَكِفَ في الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، قَالَتْ: فَأَمَرَ بِبِنَائِهِ فَضُرِبَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ أَمَرْتُ بِبِنَائِي فَضُرِبَ،

===

بقي أنه يلزم أن تكون السنَّة الشروع في الاعتكاف من صبح العشرين استظهارًا باليوم الأول، ولا بُعد في التزامه، وكلام الجمهور لا ينافيه فإنهم ما تعرضوا له لا إثباتًا ولا نفيًا، وإنما تعرضوا لدخول ليلة الحادي والعشرين وهو حاصل، غاية الأمر أن قواعدهم تقتضي أن يكون هذا الأمر سنَّة عندهم فلنقل، وعدم التعرض ليس دليلًا على العدم، ومثل هذا الإيراد يرد على جواب النووي مع ظهور مخالفة الحديث، انتهى.

قلت: والذي قال السندي في تأييد قول من قال بشروع الاعتكاف من صبح الحادي والعشرين بعيد، وما تأوَّله النووي هو الأقرب، ويمكن أن يعترض على القائلين بشروع الاعتكاف من صبح الحادي والعشرين أنه ترك العمل بالحديث، فإن الحديث لا ثبت أن شروع الاعتكاف من الحادي والعشرين، بل الثابت بالحديث أن السنَّة في الاعتكاف أن يشرع بعد مضي جزء من النهار، وهو من طلوع الصبح إلى ما بعد الصلاة، فعلى هذا لا يكون اعتكافه اعتكاف نهار تام، فلم يكن معتكف العشر تامًا، والله أعلم.

(قالت: وإنه أراد مرة أن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، قالت: فأمر) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ببنائه) أي خبائه (فضرب) وفي رواية البخاري: "فكنت أضرب له خباءً"، (فلما رأيت (١) ذلك) أي ضرب خباء النبي - صلى الله عليه وسلم - (أمرت ببنائي فضرب).

قال الحافظ (٢): في رواية الأوزاعي المذكورة: "فاستأذنته عائشة فأذن


(١) وليس في رواية مسلم ذكر عائشة بل ذكر زينب فقط، ولفظها: "فضرب لما أراد الاعتكاف، فأمرت زينب بخبائها"، الحديث، ولا إشكال فإن الروايتين معًا مختصرتان، لأن الأخبئة كانت ثلاثة لهما ولحفصة، وهذه الثلاثة هي المراد بالأزواج لا كلها. (ش).
(٢) "فتح الباري" (٤/ ٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>