قَالَتْ: وَأَمَرَ غَيْرِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِبِنَائِهِ فَضُرِبَ، فَلَمَّا صَلَّى الْفَجْرَ نَظَرَ إِلَى الأَبْنِيَةِ، فَقَالَ:"مَا هَذِهِ؟ آلْبِرّ تُرِدْنَ؟ "، قَالَتْ: فَأَمَرَ بِبِنَائِهِ فَقُوِّضَ
===
لها، وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت"، وفي رواية ابن فضيل المذكورة: "فاستأذنت عائشة أن تعتكف فأذن لها، فضربت قبة، فسمعت بها حفصة، فضربت قبة"، وهذا يشعر أنها فعلت ذلك بغير إذن، لكن رواية ابن عيينة عند النسائي: "ثم استأذنته حفصة فأذن لها"، وقد ظهر من رواية حماد والأوزاعي أن ذلك كان على لسان عائشة.
(قالت: وأمر غيري من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ببنائه)، وفي نسخة: "ببنائها" بتأنيث الضمير، وهو أوفق بالقواعد، وأما التذكير فباعتبار أن المرجع لفظ غيري، أو لفظ الزوج في الأزواج، والمراد بالغير حفصة وزينب.
(فضرب، فلما صلَّى) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (الفجر) أي صلاة الفجر، وأراد أن ينصرف إلى بنائه (نظر إلى الأبنية، فقال: ما هذه؟ )، وفي رواية البخاري: "ما هذا؟ " فأخبر، أي هذه الأبنية أبنية أزواجه (آلبر) بهمزة استفهام ممدودة (تردن؟ )، ولفظ رواية البخاري: "آلبر ترون بهن"، ولفظ آخر: "آلبر تقولون بهن"، قال الحافظ: ووقع في رواية الأوزاعي: "آلبر أردن بهذا"، وفي رواية ابن عيينة: "آلبر تقولون يردن بهذا".
والخطاب للحاضرين من الرجال وغيرهم، وما في أبي داود "تردن" بصيغة جمع المؤنث المخاطبة، هكذا في جميع نسخه، ولفظ مسلم: "آلبر يردن" بصيغة الغيبة، وفي نسخة: "تردن" بصيغة الخطاب للنساء.
(قالت: فأمر ببنائه فَقُوِّض) أي: أزيل وقلع، وفي رواية بعد قوله: آلبر: "انزعوها فلا أراها"، قال الحافظ (١): وكأنه - صلى الله عليه وسلم - خشي أن يكون الحامل لهن على ذلك المباهاة والتنافس الناشئ عن المغيرة حرصًا على القرب منه خاصة، فيخرج الاعتكاف عن موضوعه، أو لما أذن لعائشة وحفصة أولًا كان ذلك