قال الإمام الطحاوي في "مشكل الآثار"(١): فتأملنا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن كان لا يؤمن أن يسبق فلا بأس به، وإن كان يؤمن أن يسبق فلا خير فيه"، فوجدنا أهل العلم لا يختلفون أنه أراد بذلك البطيء من الخيل الذي لا يؤمن منه أن يسبق.
وفي "كنز الدقائق" و"شرحه" للزيلعي: وحرم شرط الجعل من الجانبين لا من أحد الجانبين، لما روى عبد الله بن عمر - رضي الله عنه -: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سبق بالخيل وراهن"، ومعنى شرط الجعل من الجانبين أن يقول: إن سبق فرسك ذلك عليَّ كذا، وإن سبق فرسي فلي عليك كذا، وهو قمار فلا يجوز؛ لأن القمار من القمر الذي يزاد تارة وينقص أخرى، وسمي القمار قمارًا لأن كل واحد من المقامرين ممن يجوز أن يذهب ماله إلى صاحبه، ويجوز أن يستفيد مال صاحبه، فيجوز الازدياد والانتقاص في كل واحد منهما فصار قمارًا، وهو حرام بالنص.
ولا كذلك إذا شرط من جانب واحد؛ لأن النقصان والزيادة لا يمكن فيهما، وإنما في أحدهما يمكن الزيادة وفي الآخر النقصان فقط، فلا يكون مقامرة، لأن المقامرة مفاعلة منه، فتقتضي أن يكون من الجانبين، فإذا لم يكن في معناه جاز استحسانًا.
والقياس أن لا يجوز لما فيه من تعليق التمليك على الخطر، ولا يمكن إلحاق ما شرط فيه الجعل به؛ لأنه ليس في معناه؛ لأن المانع فيه من وجهين: القمار، والتعليق بالخطر، وفي الآخر من وجه واحد، وهو التعليق بالخطر لا غير، فليس بمثل له حتى يقاس عليه.
وشرطه أن يكون الغاية مما يحتملها الفرس، وكذا شرطه أن يكون في كل واحد من الفرسين احتمال السبق، أما إذا علم أن أحدهما يسبق