للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وأما ما يتداوى به فليس لأحد تناوله، وكذا الطيب والأدهان التي لا تؤكل كدهن البنفسج, لأنه ليس في محل الحاجة، بل الفضول، ولا شك أنه لو لتحقق بأحدهم مرض يحوجه إلى استعمالها، كان له ذلك كلبس الثوب، فالمعتبر حقيقة الحاجة.

وأما ما يؤكل لا للتداوي سواء كان مهيئًا للأكل كاللحم المطبوخ والخبر والزيت والعسل والسكر والفاكهة اليابسة والرطبة والبصل والشعير والتين والأدهان المأكولة كالزيت، فلهم الأكل والادّهان بتلك الأدهان, لأن الادّهان انتفاع في البدن كالأكل، وكذا توقيح (١) الدابة وهو تصليب حافرها بالدهن، وكذا كل ما يكون غير مهيَّأ كالغنم فلهم ذبحها وأكلها، ويردون الجلد إلى الغنيمة.

ثم شرط في "السير الصغير" الحاجة إلى التناول من ذلك، وهو القياس، ولم يشترطها في "السير الكبير" (٢)، وهو الاستحسان، وبه قالت الأئمة الثلاثة، فيجوز لكل من الغني والفقير تناوله إلا التاجر والداخل لخدمة الجندي بأجر لا يحل لهم، ولو فعلوا لا ضمان عليهم، ويأخذ ما يكفيهم هو ومن معه من عبيده ونسائه وصبيانه الذين دخلوا معه.

قلت: وفي الحديث إشكال من جهة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكفأ القدور ورمل اللحم بالتراب، وهو إضاعة المال، وإبطال لحق جميع الغانمين، ويمكن أن يجاب عنه بما حكى الشوكاني في "النيل" (٣) عن القرطبي، قال


(١) وفي الأصل: "ترقيح"، وكذا في "المرقاة" وهو تحريف، والصواب ما أثبتناه،
(٢) انظر: "السير الكبير" (٣/ ١٠١٧).
(٣) "نيل الأوطار" (٥/ ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>