للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال الحافظ (١): واختلف الرواة في القسم والتنفيل، هل كانا جميعًا من أمير ذلك الجيش، أو من النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو أحدهما من أحدهما؟ فرواية ابن إسحاق صريحة أن التنفيل كان من الأمير، والقسم من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وظاهر رواية الليث، عن نافع عند مسلم أن ذلك صدر من أمير الجيش، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مقررًا لذلك ومجيزًا له، فتجتمع الروايتان، وفي الحديث: أن الجيش إذا انفرد منه قطعة، فغنموا شيئًا كانت الغنيمة للجميع.

قال ابن عبد البر: لا يختلف الفقهاء في ذلك، أي: إذا خرج الجيش جميعه، ثم انفردت منه قطعة، انتهى. وليس المراد بالجيش: القاعد في بلاد الإِسلام، فإنه لا يشارك الجيش الخارج إلى بلاد العدو.

ثم اعلم أن أهل السير ذكروا أن الغنيمة كانت مائتي بعير وألفي شاة، وقال ابن عبد البر في روايته: إن ذلك الجيش كان أربعة آلاف، والسرية التي خرجت منه كانت خمسة عشر رجلًا، فكيف تقسم مئتا بعير على أربعة آلاف، حتى يكون نصيب كل واحد منهم اثنا عشر بعيرًا اثنا عشر بعيرًا؟

وهذا غير ممكن، إلا أن يقال: إن هذا العدد من البعير والشاة كانت من غنيمة السرية، وأما ما غنم العسكر فهو زائد على هذه الغنيمة، فكل ما غنم العسكر وحده، والسرية وحدها, لما قسمت عليهم حصل لكل واحد منهم اثنا عشر بعيرًا، ونفل رجال السرية بعير بعير، ولم يذكر في الحديث عدد جميع ما غنمه العسكر والسرية.

وهذا التأويل على تقدير أن يكون هذا الحديث محفوظًا، وإلَّا فالذي وقع في الروايات الصحيحة المعتبرة أن هذه القسمة كانت على السرية فقط، ولم يذكر أحد منهم خروج الجيش، وعلى هذه الروايات لا تحتاج إلى التأويل.


(١) "فتح الباري" (٦/ ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>