للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قُلْتُ: أَرْمِي بِالْمِعْرَاضِ

===

كل ذي مخلب وذي ناب علِّم فتعلم، فصيد به، كان صيده حلالًا، لعموم قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} (١)، وقالوا في الأسد والذئب: إنه لا يجوز الصيد بهما لا لمعنى يرجع إلى ذاتهما، بل لعدم احتمال التعلم، حتى لو تصور تعليمهما يجوز به.

ومنها: أن يعلم أن تلف الصيد بإرسال أو رمي هو سبب الحل من حيث الظاهر، فإن شاركهما معنى أو سبب يحتمل حصول التلف به، والتلف به مما لا يفيد الحل لا يؤكل، إلَّا إذا كان ذلك المعنى مما لا يمكن الاحتراز عنه؛ لأنه إذا احتمل حصول التلف بما لا يثبت به الحل، فقد احتمل الحل والحرمة؛ فيرجح جانب الحرمة.

ومنها: أن يلحق المرسل أو الرامي الصيدَ أو من يقوم مقامه قبل التواري عن عينه، أو قبل انقطاع الطلب منه إذا لم يدرك ذبحه، فإن توارى عن عينه وقعد عن طلبه ثم وجده لم يؤكل، فأما إذا لم يتوار عنه، أو توارى لكنه لم يقعد عن الطلب حتى وجده، يؤكل استحسانًا، والقياس أن لا يؤكل (٢).

(قلت: أرمي بالمعراض) (٣) بكسر الميم وسكون المهملة وآخره معجمة، سهم بلا ريش ولا نصل، قال في "القاموس": وكمحراب: سهم بلا ريش، رقيق الطرفين، غليظ الوسط، يصيب بعرضه دون حده، انتهى.

وقيل: خشبة ثقيلة آخرها عصا محدد رأسها، وقد لا يحدد، وقوَّى هذا الأخير النووي تبعًا لعياض. وقال القرطبي: إنه المشهور، وقال ابن التين:


(١) سورة المائدة: الآية ٤.
(٢) انظر: "بدائع الصنائع" (٤/ ١٨٠ - ١٨٧).
(٣) في مصيده ثلاثة مذاهب: الإباحة مطلقًا، ولو قتل بثقله، به قال الأوزاعي وأهل الشام، والمنع مطلقًا، ولو قتل بعده كما روي عن ابن عمر، وبه قال الحسن، والتفريق بين ما صاده بحده وعرضه، وبه قال فقهاء الأمصار، منهم: الأئمة الأربعة، كذا في "الأوجز" (١٠/ ٦٣). (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>