للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

علي - رضي الله عنه - في زمان خلافته لم يقسمه بين الورثة، فيستدل بذلك أنهما علما وتيقَّنا (١) بما قال أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يجري فيما تركه الميراث.

قال النووي (٢): فيه إشكال مع إعلام أبي بكر لهم قبل هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا نورث"، وجوابه: أن كل واحد إنما طلب القيام وحده على ذلك، ويحتج هذا بقربه بالعمومة، وذلك لقرب امرأته بالبنوة، وليس المراد أنهما طلبا بعد ما علمًا منع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنعهما منه أبو بكر، وبَيَّنَ لهما دليل المنع واعتَرَفَا له بذلك.

والجواب عن الثاني: ما حكاه النووي (٣) عن القاضي عياض، قال المازري: هذا اللفظ الذي وقع لا يليق ظاهره بالعباس، وحَاشَ لعلي - رضي الله عنه - أن يكون فيه هذه الأوصاف، فإنا مأمورون بحسن الظنِّ بالصحابة - رضي الله عنهم - ونفي كل رذيلة عنهم، وإذا انسدّت طرق تأويلها نسبنا الكذب إلى الرواة، قال: وقد حمل هذا المعنى بعض الناس على أن أزال هذا اللفظ من نسخته، ولعله حمل الوهم على رواته.

قال المازري: وإذا كان هذا اللفظ لا بد من إثباته، ولم نضِفِ الوهم إلى رواته، فأجود ما حمل عليه أنه صدر من العباس على جهة الإدلال على ابن أخيه؛ لأنه بمنزلة ابنه، وقال ما لا يعتقده وما يعلم براءة ابن أخيه منه، ولعله قصد بذلك ردعه عما يعتقد أنه مخطئ فيه، وأن هذه الأوصاف يتصف بها لو كان يفعل ما يفعله عن قصد، وأن عليًّا كان لا يراها (٤) موجبة لذلك في


(١) في الأصل: "علموا وتيقنوا"، وهو تحريف.
(٢) "شرح صحيح مسلم" (٦/ ٣١٩).
(٣) المصدر السابق (٦/ ٣١٧ - ٣١٨).
(٤) لا يراها إلا موجبة ... إلخ، كذا في النووي (٦/ ٣١٧). (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>