قَسَمَها ستة وثلاثين سهمًا جمعًا، فعزل للمسلمين الشطر ثمانية عشر سهمًا، يجمع كل سهم مائة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - معهم، له سهمٌ كسهم أحدهم، وعزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمانية عشر سهمًا وهو الشطر لنوائبه وما ينزل من أمر المسلمين".
فعندي في وجه الجمع بينها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَسَمَ خيبر تمامَها على ستة وثلاثين سهمًا، فجعل للغزاة وهم أهل الحديبية منها ثمانية عشر سهمًا، كما هو مصرح في حديث بشير بن يسار، وأما ما وقع في حديث مجمع بن جارية أنه قَسَمَها على ثمانية عشر سهمًا، فالمراد به، النصف الذي كان للغزاة لا الكل.
وأما ما وقع في حديث ابن عمر بأنه - صلى الله عليه وسلم - يأخذ الخمس ويُطْعِمُ كلَّ امرأة من أزواجه من الخمس، فالمراد به خمس النصف الذي عزله رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لنوائبه، فهو منقسم على خمسة أصناف، وهم المذكورون في هذه الآية:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}(١)، فهم خمسة أصناف, لأن ذكر اسمه سبحانه وتعالى للتبرك وللتوطئة والتمهيد.
وأما ما وقع في رواية أوس بن الحدثان أنه - صلى الله عليه وسلم - جَزَّأَها ثلاثة أجزاء:
جزئين بين المسلمين، وجزءًا لنفقة أهله، فلعل وجهه أن الآية صرحت بظاهر اللفظ ستة أصناف: لله، وللرسول، ولذي القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل، فالمراد بالجزئين الذين جعلهما للمسلمين أربعة أصناف، وهم ذوو القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل الأربعة الأصناف، فهم ثلثان من ثلاثة أجزاء، وبقي بظاهر اللفظ صنفان: لله وللرسول، فهما جزء واحد من ثلاثة أجزاء، فهذه القسمة لنصف خيبر الذي عَزَلَه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنوائبه، والله تعالى أعلم.