والله أن لا يؤخذ من المعادن مما يخرج منها شيء حتى يبلغ ما يخرج منها قدر عشرين دينارًا عينًا، أو قدر مائتي درهم فضة، وبهذا قال جماعة. وقال أبو حنيفة والثوري وغيرهما: المعدن كالركاز وفيه الخمس يؤخذ من قليله وكثيره.
قلت: قال في "البدائع"(١): وأما المعدن فالخارج منه في الأصل نوعان: مستسجد ومائع، والمستسجد منه نوعان أيضًا: نوع يذوب بالإذابة وينطبع بالحلية, كالذهب والفضة والحديد والرصاص والنحاس ونحو ذلك، ونوع لا يذوب بالإذابة كالياقوت والبلور والعقيق والزمرد والفيروزج والكحل والمغرة والزرنيخ والجص والنورة ونحوها. والمائع نوع آخر كالنفط والقار ونحو ذلك.
وكل ذلك لا يخلو إما أن وجده في دار الإِسلام أو في دار الحرب في أرض مملوكة أو غير مملوكة، فإن وجد في دار الإِسلام في أرض غير مملوكة، فالموجود مما يذوب بالإذابة وينطبع بالحلية يجب فيه الخمس، سواء كان ذلك من الذهب والفضة أو غيرهما مما يذوب بالإذابة، وسواء كان قليلًا أو كثيرًا، فأربعة أخماسه للواجد كائنًا من كان إلا الحربي المستأمن فإنه يسترد منه الكل، إلَّا إذا قاطعه الإِمام، فإن له أن يفي بشرطه، وهذا قول أصحابنا - رحمهم الله-.
وقال الشافعي - رحمه الله -: في معادن الذهب والفضة ربع العشر، كما في الزكاة، حتى شرط فيه النصاب، فلم يوجب فيما دون المائتين، وشرط بعض أصحابه الحول أيضًا، وأما غير الذهب والفضة فلا خمس فيه.
وأما عندنا فالواجب خمس الغنيمة في الكل، لا يشترط في شيء منه شرائط الزكاة، ويجوز دفعه إلى الوالدين والمولودين الفقراء، كما في الغنائم، ويجوز للواجد أن يصرف إلى نفسه إذا كان محتاجًا، ولا تغنيه الأربعة الأخماس.