للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أُحُد" (١)، ولأن الصلاة على الميت شفاعة له ودعاء لتمحيص ذنوبه، والشهيد قد تطهَّر عن دنس الذنوب لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "السيف محَّاء للذنوب" (٢)، فاستغنى عن ذلك كما استغنى عن الغسل، ولأن الله تعالى وصف الشهداء بأنهم أحياء (٣)، والصلاة على الميت لا على الحي.

ولنا ما روي: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على شهداء أحد صلاةَ الجِنازة، أو صلاته على الميت" (٤)، حتى روي: "أنه عليه السلام صلى على حمزة سبعين صلاة".

وما روي عن جابر - رضي الله عنه - فغير صحيح، وقيل: إنه كان يومئذ مشغولًا، فإنه قُتِلَ أبوه وأخوه وخاله، فرجع إلى المدينة ليدبِّرَ كيف يحملهم إلى المدينة؟ فلم يكن حاضرًا حين صلَّى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلهذا روى ما روى، ومن شاهد النبي - صلى الله عليه وسلم - قد روى أنه صلى عليهم، ثم سمع جابر منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تُدْفَنَ القتلى في مصارعهم، فرجع فدفنهم فيها، ولأن الصلاة على الميت لإظهار كرامته، ولهذا اختص بها المسلمون دون الكفرة، والشهيد أولى بالكرامة، وما ذكر من حصول الطهارة بالشهادة فالعبد وإن جل قدره لا يستغني عن الدعاء.

ألا ترى أنهم صلوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا شك أن درجته كانت فوق درجة الشهداء، وإنما وصفهم بالحياة في حق أحكام الآخرة، ألا ترى إلى قوله تعالى: {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (٥)، فأما في حق أحكام الدنيا فالشهيد ميت يُقسَم مالُه، وتنكح امرأته بعد انقضاء العدة، فوجوب الصلاة عليه من أحكام الدنيا، فكان ميتًا فيه فيصلى عليه، والله أعلم.


(١) أخرجه البخاري (١٣٤٣) بنحوه.
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ١٨٥) في حديث طويل من حديث عتبة بن عبد السلمي رضي الله عنه.
(٣) انظر: سورة آل عمران: الآية ١٦٩.
(٤) انظر: "صحيح البخاري" رقم (١٣٤٤).
(٥) سورة آل عمران: الآية ١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>