للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقال في "البدائع" (١): ثم وقت وجوب الكفارة في اليمين المعقودة على المستقبل هو وقت وجود الحنث، فلا يجب إلَّا بعد الحنث عند عامة العلماء، وقال قوم: وقته وقت وجود اليمين، فتجب الكفارة بعقد اليمين من غير حنث.

واحتجوا بقوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} (٢)، وقوله عز وجل: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} (٣)، وقوله عز وجل: {فَكَفَّارَتُهُ} (٤) أي كفارة ما عقدتم من الأيمان, لأن الإضافة تستدعي مضافًا إليه سابقًا، ولم يَسبق غير ذلك العقد، فيُصْرَفُ إليه، وكذا في قوله تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ} , أضاف الكفارة إلى اليمين، وعلى ذلك تُنْسَب الكفارة إلى اليمين، فيقال: كفارة اليمين، والإضافة تدل على السببية في الأصل، وبما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فليكفر عن يمينه، ثم ليأت الذي هو خير"، والاستدلال بالحديث من وجهين:

أحدهما: أنه أمر بالتكفير بعد اليمين قبل الحنث، ومطلق الأمر يُحْمَل على الوجوب.

والثاني: أنه قال عليه الصلاة والسلام: "فليكفر عن يمينه" أضاف التكفير إلى اليمين، فكذا في الرواية الأخرى: "فليأت الذي هو خير، وليكفر يمينه"، أمر بتكفير اليمين لا بتكفير الحنث، فدل على أن الكفارة لليمين، ولأن الله تعالى نهى عن الوعد إلَّا بالاستثناء بقوله عز وجل: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (٥).


(١) "بدائع الصنائع" (٣/ ٣٢ - ٣٤).
(٢) سورة المائدة: الآية ٨٩.
(٣) سورة المائدة: الآية ٨٩.
(٤) سورة المائدة: الآية ٨٩.
(٥) سورة الكهف: الآية ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>