وليس كذلك حقوق الآدميين في قوله:"يُغْفَرُ كلُّ ذنب الشهيد إلَّا الدَّين"(١)، وههنا جعله دون الكبائر؟ قلت: قد وَجَّهْناه أنه على سبيل المبالغة تحذيرًا وتوقيًا عن الدَّين، وهذا مجري على ظاهره.
فإن قلت: إن نفس الدين ليس بمعصية، بل هو مندوب إليه فضلًا أن يكون من الذنوب، قال الطيبي: يريد أن نفس الدين ليس بمنهي عنه، بل هو مندوب إليه، وإنما هو لسبب عارض من تضييع حقوق الناس بخلاف الكبائر، فإنها منهية لذاتها. قال العزيزي: هذا محمول على ما إذا قصر في الوفاء، أو استدان لمعصية.
٣٣٤٣ - (حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يصلي على رجل مات وعليه دين، فأتي بميت، فقال: أعليه دين؟ قالوا: نعم، ديناران، قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (صلُّوا على صاحبكم، فقال أبو قتادة الأنصاري: هما) أي الديناران (عليَّ) أي أنا أتكفل بهما (يا رسول الله، فصلَّى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
تمسك به أبو يوسف ومحمد ومالك والشافعي وأحمد في أنه تصح الكفالة عن ميت لم يترك مالًا، وعليه دَين، فإنه لو لم تصح الكفالة لما صلَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه.