للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

القرآن غير مباح، وإليه ذهب الزهري وأبو حنيفة (١) وإسحاق بن راهويه.

وقال طائفة: لا بأس به ما لم يشترط، وهو قول الحسن البصري وابن سيرين والشعبي، وأباح ذلك آخرون، وهو مذهب عطاء ومالك والشافعي وأبي ثور، واحتجوا بحديث سهل بن سعد "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للرجل الذي خطب المرأة، ولم يجد لها مهرًا: زوجتكها على ما معك من القرآن"، وقد ذكره أبو داود في موضعه من الكتاب.

فأوَّلوا حديث عبادة على أنه أمر كان تبرع به، ونوى الاحتساب فيه، ولم يكن قصده وقت التعليم إلى طلب عوض ونفع، فحذره النبي - صلى الله عليه وسلم - إبطال أجره، وتوعده عليه، وكان سبيل عبادة في هذا سبيل من ردَّ ضالَّة لرجل، أو استخرج له متاعًا قد غرق في بحر تبرعًا وحسبة، فليس له أن يأخذ عليه أجرًا، ولو أنه طلب لذلك أجرة قبل أن يفعله حسبة، كان ذلك جائزًا، وأهل الصفة قوم فقراء، كانوا يعيشون بصدقة الناس، فأخذ (٢) المال من تحت أيديهم مكروه، ودفعه إليهم مستحب.

وقال بعض العلماء: أخذ الأجرة على تعليم القرآن له حالات، فإذا كان في المسلمين غيره ممن يقوم به، حل له أخذ الأجرة عليه؛ لأن فرض ذلك لا يتعين عليه، وإذا كان في حال، أو موضع لا يقوم به غيره، لم يحل له أخذ الأجرة، وعلى هذا يؤول (٣) اختلاف الأخبار فيه، انتهى.

وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه - رحمه الله -: قوله: إن كنت تحب أن تطوق ... إلخ، ولعل المعلم والمتعلم اشترطا بينهما أجرة، أو كان ذلك منويًا لهما، فلم يرض به النبي - صلى الله عليه وسلم - لصحابته، وإن لم تكن النية محرمة، ويمكن أن يراد بطوق النار حطيطة منزلة عما كانت مقدرة له، فإن إطلاق النار على الأمور


(١) وبسط العيني في مستدلات الحنفية [انظر: "عمدة القاري" (٨/ ٦٢٦)].
(٢) هكذا في الأصل، وفي "معالم السنن": "فَأَخْذُ الرجل المال منهم مكروه".
(٣) هكذا في الأصل، وفي "معالم السنن": "تأوَّل".

<<  <  ج: ص:  >  >>