للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على أن بيع المحفلات خِلابة، والخلابة حرام، فكان من فعل هذا وباع صار مخالفًا لما أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وداخلًا فيما نهى عنه، فكانت عقوبته في ذلك أن يجعل اللبن المحلوب في الأيام الثلاثة للمشتري بصاع من تمر، ولعله يساوي آصعًا كثيرة، ثم نسخت العقوبات بالأموال في المعاصي (١)، وردت الأشياء إلى ما ذكرناه من القاعدة الأصلية.

ثم ذكر ابن السمعاني عن الحنفية أنهم قالوا: إن القواعد تقتضي أن يكون المضمون مقدر الضمان بقدر التالف، وذلك مختلف، وقد قدر ههنا بمقدار واحد وهو الصاع، فخرج عن القياس، والجواب: منع التعميم في المضمونات، كالموضحة، فأرشها مقدر مع اختلافها بالكبر والصغر، والغرة مقدرة في الجنين في اختلافه، انتهى.

قلت: لا نسلم منع التعميم في بابه كما ذكرنا، وما مثل به على وجه الإيراد على القاعدة غير وارد؛ لأنا قلنا: إن الذي يفعل من ذلك عند التعذر خارج من باب القاعدة، غير داخل فيها حتى يمنع اطراد القاعدة.

ثم ذكر عنهم أيضًا: أن اللبن التالف إن كان موجودًا عند العقد، فقد ذهب جزء من المعقود عليه من أصل الخلقة، وذلك مانع من الرد، فقد حدث على ملك المشتري، فلا يضمنه، وإن كان مختلطًا فما كان منه موجودًا عند العقد، وما كان حادثًا لم يجب ضمانه.

والجواب أن يقال: إنما يمتنع الرد بالنقص، إذا لم يكن لاستعلام العيب وإلَّا فلا يمتنع، وههنا كذلك، قلت: الذي قالوه كلام واضح صحيح، والجواب الذي أجابه ليس بشيء، فهل يرضى أحد أن يرد هذا


(١) كذا في الأصل، وفي "عمدة القاري": "بالمعاصي".

<<  <  ج: ص:  >  >>