للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وأنكر غيره هذه الرواية, والذي في "مختصر المزني" و"الأم" عن الشافعي كرواية الجمهور: "واشترطي" بصيغة الأمر المؤنث من الاشتراط، ثم حكى الطحاوي تأويل الرواية التي بلفظ اشترطي أن اللام في قوله: "اشترطي لهم" بمعنى" على" كقوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} (١)، وحكى الخطابي عن ابن خزيمة أن قول يحيى بن أكثم غلط، والتأويل المنقول عن المزني لا يصح، وقال النووي (٢): تأويل "اللام" بمعنى "على" ههنا ضعيف, لأنه عليه الصلاة والسلام أنكر الاشتراط، ولو كان بمعنى "على" لم ينكره.

وضعفه أيضًا ابن دقيق العيد، وقال آخرون: الأمر في قوله: "اشترطي" للإباحة، وهو على جهة التنبيه على أن ذلك لا ينفعهم، فوجوده وعدمه سواء، ويقوي هذا التأويل قوله في رواية أيمن: "اشتريها ودعيهم يشترطون ما شاؤوا"، وقيل: الأمر فيه بمعنى الوعيد الذي ظاهره الأمر، وباطنه النهي كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} (٣).

وقال الشافعي في "الأم": لما كان من اشترط خلاف ما قضى الله ورسوله عاصيًا، وكانت في المعاصي حدود وآداب، وكان من أدب العاصين أن يعطل عليهم شروطهم ليرتدعوا عن ذلك ويرتدع به غيرهم كان ذلك من أيسر الأدب، وقال غيره: معنى اشترطي اتركي مخالفتهم فيما شرطوه، ولا تظهري نزاعهم فيما دعوا إليه مراعاة لتنجيز العتق، لتشوف الشارع إليه، وقال النووي: أقوى الأجوبة أن هذا الحكم خاص بعائشة في هذه القضية، وأن سببه المبالغة في الرجوع عن هذا الشرط لمخالفته حكم الشرع، وهو كفسخ الحج إلى العمرة كان خاصًا بتلك الحجة مبالغة في إزالة ما كانوا عليه من منع العمرة في أشهر الحج، وتعقبه ابن دقيق العيد بأن التخصيص


(١) سورة الإسراء: الآية ٧.
(٢) انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (٥/ ٤٠٢).
(٣) سورة فُصِّلَت: الآية ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>